الرأي الثلاثاء 18/08/2015
ما بين مقال الأستاذ طارق مصاروة الذي نشر يوم السبت الماضي تحت عنوان «المعرفة وموجودات الوطن» والاستطلاع الذي اجراه مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعرفية مؤخرا، وأظهر تشاؤم الأردنيين تجاه الأوضاع الاقتصادية، تكمن واحدة من المشكلات التي لا نتحدث عنها ولا نشير إليها عموما، تماما مثلما يحدث في الحروب التي يحكم عليها بنتائجها، فلا تجد الانتصارات الباهرة التي حققها الجنود في بعض المعارك أثناء الحرب الخاسرة أي قيمة أو أهمية رغم أنها شاهد على عزيمة القتال، وعلى أن الطرف الآخر لم يربح الحرب من دون ثمن !
ولست بصدد التعليق على الاستطلاع الذي نشر قبل حوالي شهرين، ولكن المؤشر السلبي قادنا إلى أن 57 % من الأردنيين يعتقدون أن اقتصاد بلدهم سيئ أو سيئ جدا، وحتى أولئك الذين يعتقدون غير ذلك ومنهم نسبة تزيد عن 14% تعتقد بأنه جيد أو ممتاز، فإنهم يشكلون نسبة تقارب النصف، وهولاء جميعا يتم استطلاع آرائهم في أجواء من التشويش والتضليل، وخيبة الأمل نتيجة الأوضاع الإقليمية التي يتأثرون بها حتما، وتبعث على القلق والريبة والشك، بحيث ينعكس الخوف والتشاؤم من المستقبل على كل شيء، بما في ذلك الواقع الاقتصادي.
لو أننا نتحدث عن الانجازات مثلما نتحدث عن « النهب، والفساد « لكنا الآن في وضع أفضل لا يظهر أثره في استطلاعات مراكز الدراسات وحسب، ولكن في استطلاعات الذين يرصدون هذه المنطقة من العالم، ويسعون إلى إعادة تقسيمها وفقا لمصالحهم، وعلى حساب كل من ينتمي إلى «قحطان» !
لقد رسمت للقطاع الخاص الأردني صورة قبيحة، وتم تجريده من الفضائل كلها، مع أنه في غالبيته قطاع وطني بامتياز، صمد في وجه تقلبات من شأنها أن تهدد اقتصاديات دول أكثر منا قوة، وأهدأ بالا، ولكن ما حققه من انجازات، وما سعى إليه من استثمارات وشراكات مع المستثمر الأجنبي، لم يكن محل تقدير، ليس من أجل أن نصفق له، بل من أجل أن نعرف قيمته الحقيقية في الاقتصاد الكلي، فندفع به إلى الأمام بدل أن نشده إلى الخلف، عن طريق قرارات واجراءات متخلفة.
لو أن الذين خاضوا حربا خاسرة، أدركوا قيمة الانتصارات التي حققها الجنود في المعارك الدائرة في حينها لبنوا عليها نصرا مؤكدا، ولذلك فإن الثقة بالنفس، والقدرة على توحيد الجبهات، هو الذي يحقق الفوز في نهاية المطاف.
نعم من المهم جدا أن يعرف الأردنيون حقيقة الانجازات التي يحققها بلدهم، وفي هذا الظرف العصيب بالذات، من المهم أيضا أن تقوم المؤسسات الاقتصادية بالتعريف بنفسها ودورها الوطني، ولا شيء يمنعها من ذلك، فقد كان التشويه مقصودا، والوسواس الخناس يريد أن يوسوس في صدور الناس تشاؤما وقنوطا ويأسا، فينهارون من داخلهم، تماما مثلما وقع في دول من حولنا.
إن إخفاء الحقائق، وتعمد إهمال المؤشرات الايجابية، له ضرر بالغ وآثار خطيرة لا بد من مواجهتها، وليس معنى ذلك أن نجمل الصورة، أو ندعي ما ليس حقا، ولكن في ظني أن تشويه الصورة، وعدم احترام الدور الوطني للقطاع الخاص هو خطأ بالغ، إذا لم يكن مقصودا، أما إذا كان مقصودا، فتلك معركة لا خيار أمامنا إلا أن نخوضها، وننتصر فيها !
yacoub@meuco.jo
www.yacoubnasereddin.com