الرأي الثلاثاء 15-8-2017
على محمل الجد !
اليوم الثلاثاء سنتوجه إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثلينا في مجالس البلديات ، ومجالس المحافظات ، وقد بذلت الهيئة المستقلة للانتخاب كل ما لديها من إمكانات لكي تنجح هذه العملية المزدوجة التي تمارس لأول مرة في بلدنا الأردن بمشاركة جهات رقابية محلية وأجنبية ، ضمن مسيرة الإصلاح الشاملة ، ومبدأ توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار .
في كل مناسبة انتخابية ننادي بضرورة ممارسة هذا الحق الدستوري ، ونؤكد على أمانة الإدلاء بالصوت لخيرة الخيرة ، ولأولئك الذين نتوسم فيهم خدمة الصالح العام ، والارتقاء بمؤسساتنا الرسمية والأهلية ، وتطوير قطاعاتنا المختلفة على أساس برنامج انتخابي واقعي ، واضح المعالم ، قابل للتطبيق .
نحن اليوم أمام اختبار من هذا النوع ، وحتى عندما تكون العلاقات الاجتماعية وصلات القرابة هي الحافز للإدلاء بالصوت ، فلا بأس أن يكون الاختيار كذلك وفق تلك المعايير ، لأن سوء الاختيار سيؤدي إلى سوء النتائج والمخرجات ، وعندها لن ينفعنا الانتقاد بعد فوات الأوان ، إنها مسألة ترتبط بالضمير والوعي في آن معا !
هذه الانتخابات – على أهمية أن تتم في أحسن الظروف – تشكل نقلة نوعية في مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، فقد توسع مستوى التمثيل الشعبي ليشمل المحافظات بعد أن كان مقتصرا على مجلس النواب ومجالس البلديات ، والأهم من ذلك أن المهام توسعت أيضا ، وكذلك المسؤوليات ، وحين تنتهي العملية الانتخابية ، ويبدأ عمل المجالس سيعرف الذين اختارهم الشعب أنهم أمام تحديات حقيقية ، وأن عليهم إنجاح تلك التجربة في ضوء الأوضاع الاستثنائية التي يعيشها بلدنا ، وتعيشها المنطقة بأكملها .
وبغض النظر عن تفاوت الإدراك لطبيعة التحديات التي تواجهنا ، فإننا مطالبون بأخذ هذه الانتخابات على محل الجد ، لأن مجرد خوضها في بلد يواصل تقدمه نحو الإصلاح والتغيير والتطوير وسط الحالة الإقليمية الراهنة هو مؤشر عملي على سلامة كيانه من القاعدة إلى القمة ، وشاهد على أننا نمضي في الاتجاه الصحيح ، فلا تحبطنا بعض المظاهر السلبية في الطريقة التي نتحدث بها عن الانتخابات أو بعض المرشحين ، فنحن مجتمع ما زال يمارس بساطته وسط تعقيدات تحيط بنا من كل جانب .
لقد تجاوزنا مرحلة ترويض أنفسنا على ممارسة الديمقراطية ، ونحن نمضي قدما نحو فهمها وتأصيلها سلوكا يقودنا نحو مزيد من الأداء الفاعل ، الذي يرسخ هدف المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار ، والتي تتحول تلقائيا إلى مسؤولية وطنية ، تفرز بطبيعتها القادرين فتحملهم على قطار التقدم ، وغير القادرين فتنزلهم في أول محطة ، غير آسفة عليهم !