الرأي الثلاثاء 22-08-2017
الجانب المشرق من الصورة !
بصورة عامة تمت أكبر عملية انتخاب في تاريخ الأردن بنجاح ، واختار الناخبون أكثر من ألفي عضو في مجالس المحافظات والبلديات من بين ما يزيد عن سبعة آلاف مرشح ، لنحقق بذلك تقدما عمليا في مفهوم توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار ، كأحد الدلالات على أن العملية الديمقراطية تمضي إلى الأمام .
تأصيل وترسيخ الديمقراطية كنهج حياة يحتاج إلى وقت ، وكذلك ممارسة العملية الانتخابية بشكلها الراقي يحتاج إلى وقت ، ونحن ما زلنا في بداية تجربة طويلة الأمد ، تحكمنا التقاليد والعادات والأعراف الاجتماعية ، ولكن القانون يضبط العملية ، ويحدد المهام والأهداف في نهاية المطاف !
قانون مجالس المحافظات ، وقانون البلديات ، والقوانين الأخرى تجسد مفهوم دولة القانون الذي تزداد الحاجة إليه لجعل العملية الديمقراطية منظمة وفاعلة ومنتجة ، والعامل المشترك في تلك المجالس هو تنمية المجتمعات المحلية ، وخدمة التنمية الشاملة ، ورسم معالم الطريق نحو المستقبل ، وهنا تتعرض العملية لاختبار حقيقي قياسا على مستوى أداء أولئك الذين اختارهم الناخبون لينوبوا عنهم في التعبير عن مطالبهم المشروعة ، وتحقيق طموحاتهم ، وإحداث التغيير الذي يعالج المشكلات ، ويعزز الإمكانات ، وينمي القطاعات ، ويحقق الأمنيات .
لن نغض الطرف عن التعقيدات الكثيرة التي تواجه البلديات ، وفي مقدمتها نقص الإمكانيات المادية ، أو سوء استخدامها ، أو فشل بعض البلديات في أداء وظائفها ، ولكن لتلك الصورة المعتمة جانب مشرق ، يتمثل في وضع يدنا على المعوقات والتحديات ، والتراكمات السلبية وقدرتنا على التعامل معها إذا ما اتفق الجميع على تغليب المصالح العليا وتعظيمها ، لتكون فوق المصالح أو الأهواء الشخصية !
لكي ينجح أعضاء مجالس المحافظات ، وأعضاء مجالس البلديات في مهامهم الجليلة لا بد من تشكيل رؤية موحدة لتلك المهام ، وكيفية التعبير عنها وممارستها على أعلى مستويات المسؤولية ذلك أن النظرة الفردية ستخلق جدلا عقيما ، وخلافات في وجهات النظر الشخصية ، مما يبطل فعالية المجلس وقيمته ودوره ، وفي هذه الحالة يلتقي ضعف الإمكانات المادية مع ضعف القوى البشرية ليعيدنا إلى الوراء !
سنعول كثيرا على الجدية والالتزام ، وعلى وعي الأعضاء المنتخبين وشعورهم بثقل الأمانة التي حملهم اياها الناخبون ، والأهم من ذلك الشعور بالمسؤولية تجاه ما يواجهه بلدنا من تحديات وما يحيط به من أزمات ، والاستعداد بالعزيمة والإرادة القوية على التغيير ، وابتداع الأساليب الجديدة والناجعة لتطوير المجتمعات المحلية ، وتحفيز قدراتها ، وتنمية مواردها ، وتنفيذ مشروعاتها الكبيرة والصغيرة .
مجرد نظرة واعية من عقول ذكية ، وقلوب طيبة ، وضمائر صافية ، ستدرك تلك المجالس صغر المشاكل التي كبرت بسبب عدم معالجتها في حينها ، وستعرف أيضا أن التخطيط السليم وكسب ثقة الناس يمكن أن يحقق نتائج مذهلة ، ذلك أن القيمة الحقيقية لا تكمن في الإمكانات المادية وحدها ، بل في الإمكانات المعنوية التي حفظت الأردن في أصعب الظروف ، وضمنت تقدمه إلى الأمام ، وذلك هو سر صورته المشرقة !