الرأي الثلاثاء 29-8-2017
تعبير مناسب !
انتقى وزير الدولة لشؤون الاتصال والإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني عباراته بدقة وهو يجيب على أسئلة الإعلامية عبير الزبن في برنامج ستون دقيقة يوم الجمعة الماضي، بشأن مستقبل العلاقات الأردنية السورية حين وصفها بأنها مرشحة لمنحى إيجابي .
والمنحى يعني المجال أو الطريق أو المسلك الذي سيسلكه البلدان لتنظيم العلاقات بينهما بعد سبع سنوات من الأزمة السورية التي تشارف على نهايتها بكل مآسيها والخراب والدمار الذي نجم عنها، والآلام التي ذاقها الشعب السوري، وذقناها معه يوما بيوم.
وحسنا فعل الوزير عندما أعاد التذكير بالموقف المبدئي الذي اتخذه الأردن منذ اللحظة الأولى ، وعبر عنه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين بكل شجاعة ووضوح في جميع المناسبات والمباحثات الإقليمية والدولية، يتلخص في أنه لا سبيل لحل الأزمة السورية إلا بالتفاوض السلمي بين الأطراف السورية، وأن هذا الحل يجب أن يضمن وحدة سوريا الترابية، ووحدة شعبها الوطنية، وأمنها واستقرارها، ولم يكن مرحّبا بذلك الموقف من قبل جهات عديدة، كان هدفها الوحيد هو إسقاط النظام السوري.
وظل الأردن يتعامل مع الأحداث وفقا لمبادئه الثابتة، وسياسته الدائمة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ورفضه القاطع لوجود المنظمات الإرهابية على الأرض السورية أو أي مكان آخر تحت أي ذريعة، ومارس حقه الطبيعي في أخذ الحيطة والحذر من أثر تلك المنظمات على أمنه واستقراره، وكان جيشه الباسل يتحمل مسؤوليات مضاعفة نتيجة غياب جيش في المقابل يحمي الحدود المشتركة سواء الشرقية أو الشمالية!
وتعرف القيادة السورية أكثر من غيرها معنى عدم الالتزام بقرار الجامعة العربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، واستمرار سفارتها في عمّان، وسفارتنا في دمشق في عملهما كالمعتاد، رغم تجاوزات السفير السوري السابق التي أدت إلى إعادته إلى بلده في حينه، فضلا عن الأعباء التي تحملها الأردن في استضافة من لجأ إليه من الأشقاء السوريين، والتعامل مع الظروف الخطرة التي رافقت انتقالهم عبر الحدود ليحظوا بالرعاية الإنسانية، والأمن والأمان.
من المنطقي أن تأخذ العلاقات بين الأردن وسوريا منحى إيجابيا، وقد ساهم الأردن في الجهود المبذولة لتوفير الأمن والاستقرار لإعادة الحياة إلى طبيعتها في جنوب سوريا، وقد كسب ثقة الأطراف الإقليمية والدولية سواء تلك التي اتفق أو اختلف معها بشأن الأزمة السورية.
اليوم قد تتغير نظرة أولئك الذين لم يفهموا موقف الأردن من تلك الأزمة، وأولئك الذين زايدوا عليه في أوقات الشدة، ولكن ذلك هو قدره، وتلك قيمه، التي فرضت عليه الصمت البليغ، وليس السكوت، لأنه نذر نفسه من أجل شعبه وأمته، بلا منة ولا أذى!