المواقع الإخبارية 29-3-2018
انظر الصورة!
في مرحلة ما، كانت الهوية الشخصية تحتوي على مجموعة من البيانات، من بينها وصف لملامح الشخص “لون البشرة، والشعر، والعينين”، وأحيانا يكتفي بوضع جملة: “انظر الصورة”، عوضا عن ذلك.
تذكرت تلك البطاقة الشخصية بينما كان دولة السيد فيصل الفاير رئيس مجلس الأعيان يخاطب طلبة جامعة الشرق الأوسط ضمن برنامج “حوارات وسط البلد” الذي يديره الإعلامي المعروف الدكتور هاني البدري، والذي استعرض خلاله المفاصل الهامة في تاريخ الدولة الأردنية، وما واجهته من أزمات منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا، وكيف صمدت في وجه التحديات، وكلها خطيرة ومؤلمة، كاشفا سر هذا الصمود، ألا وهو وعي الأردنيين بهويتهم الوطنية الجامعة، التي تشكلت على قاعدة التوافق بين الشعب والقيادة الهاشمية، والقوة العسكرية الأمنية الحافظة لاستقلال الدولة وأمنها واستقرارها ومنجزاتها أيضا.
وحسنا فعل دولة السيد فيصل الفايز، وهو رجل دولة بالمعنى الحقيقي، أنه جذب انتباه الطلبة “الشباب” إلى مسألة هامة جدا، حين وضعهم في موضع المسؤولية قبل موضع العناية والرعاية، عندما حملهم مسؤولية التصدي للدور الكارثي الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في الإساءة للوطن ورموزه ومواطنيه، ذلك أنهم جميعا ينتمون إلى عصر ثورة الاتصالات والمعلومات، وهم الأقدر على استخدام مهاراتهم في الدفاع عن صورة الدولة التي ينتمون إليها، والتي تتعرض بصورة منظمة للتشويه ضمن الخطة التي تستهدف المنطقة العربية في محاولة لإضعاف دور الأردن ومكانته في المعادلة الإقليمية.
وفي المقابل دعا الشباب إلى التعبير عن أنفسهم ومطالبهم المشروعة في إطار حضاري ديمقراطي يعكس الهوية الصحيحة لبيانات الإنسان الأردني المؤمن ببلده وحقه في الحياة الكريمة المتمسك بهويته الوطنية لأنها تعكس صورته، وتصفها وصفا دقيقا، وبذلك يتحقق مفهوم الوعي الوطني من خلال فهم وإدراك الحقائق وعدم الانسياق وراء الأوهام والدعايات الخادعة التي لطالما جعلت العقل العربي عاجزا عن تحديد موقفه الحاسم تجاه الأحداث والتطورات.
الهوية الوطنية التي قصدها دولة رئيس مجلس الأعيان، هي تلك التي تعكس خصائص وسمات الإنسان الأردني، وتترجم انتماءه الصادق، ومواطنته الصالحة، وترفع شأنه وشأن بلده، وتمتد في جذورها إلى هذا الثرى الطيب، والتاريخ المجيد، وترتبط ارتباطا وثيقا بالأهداف والتطلعات والحقوق المشروعة، والثقة بالنفس، والقدرة على التغيير والإصلاح والتحديث، وتجاوز الأزمات.
بقي أن أشير إلى جانب مهم من هذه المسألة، وهي الحاجة الملحة للتواصل بين رجال الدولة والمسؤولين على اختلاف مواقعهم مع الشباب، وعقد حوارات مفتوحة وصريحة وصادقة، من أجل تعميق الوعي الوطني الذي يشكل أساس الهوية الوطنية، ففي ذلك أثر إيجابي كبير على ترسيخ إيمان الشباب، وثقتهم ببلدهم وقيادتهم، وفي تعظيم الأمل والتفاؤل في نفوسهم، وذلك ما يفعله دولة السيد فيصل الفاير الشكر والتقدير والثناء.