الرأي الثلاثاء 10-4-2018
برقيات الملك!
لا يوجد زعيم في هذه المنطقة يلتقي بأبناء شعبه مثلما يفعل جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، وتلك اللقاءات المتواصلة مع المواطنين ومع النخب الاجتماعية هي منهج اختطه جلالة الملك لكي يوصل صوته إليهم، ويسمع منهم، الأمر الذي يطلق عليه بالاتصال المباشر بين القائد والشعب، والذي يعتبره الباحثون الإستراتيجيون واحدا من المؤشرات الدالة على القائد الإستراتيجي الذي يقوم بتعزيز قوة الدولة، ورفع الروح المعنوية، وتعميق الثقة بالنفس، وبالمستقبل أيضا.
ما قاله جلالة الملك لأبناء محافظة المفرق قبل أيام أشبه بالبرقيات أو العناوين السريعة لعدد من القضايا الداخلية والخارجية، التي تحمل إشارات واضحة للتحسن الملحوظ الذي يحققه الأردن على الصعد كافة.
البرقية الأولى: تلخص حصيلة جولاته ومباحثاته مع قادة العام الذين يدركون الآن وأكثر من أي وقت مضى أن استقرار الأردن أمر مهم جدا، وأنه يعطون الأولوية في الاهتمام للدول التي تلعب دورا إيجابيا على المستوى الدولي، رغم تقصيرهم في دعم اقتصاده الذي تضرر بسبب نقص إمدادات الغاز المصري الذي يشكل أحد أهم مصادر الطاقة، وكذلك بسبب الأعباء التي يتحملها الأردن في رعاية اللاجئين السوريين الذين يشكلون حوالي عشرين بالمئة من سكان المملكة.
البرقية الثانية: تكمن في الإشارة إلى أنه رغم تعقيدات الوضع الإقليمي إلا أن الافتتاح المنتظر قريبا لمعبر طريبيل بين الأردن والعراق، وإمكانية وجود تعاون ثلاثي بين الأردن والعراق ومصر بإقامة جسر تجاري مركزه المنطقة الشمالية، سيؤدي إلى تطور الوضع الاقتصادي الأردني.
البرقية الثالثة: تتجلى في عملية النهوض بالقطاع الزراعي الأردني من خلال دعم هولندي مباشر وفريد من نوعه، حيث سبق لهم دراسة الواقع الزراعي، ولديهم خطة واضحة للكيفية التي ستنفذ على أساسها المشروعات الزراعية، وفي اعتقادي أن تجربة هولندا في هذا المجال تفوق الكثير من التجارب التي نعرفها.
البرقية الرابعة: موجهة للسلوك الاجتماعي، والأضرار الناجمة عن الواسطة والمحسوبية، وإلى الأساليب المتبعة في إدارة مؤسسات الدولة التي يطالب الشباب بتغييرها، وذلك يعني ضرورة “تشبيب” تلك المؤسسات التي يزعج أداء بعضها جلالة الملك.
تلك البرقيات وغيرها تحتاج ممن وجهت إليهم أن يقرأوها بعناية، لأن العبرة تكمن في فهمها، والبناء عليها عند تحليل وضعنا الداخلي، ودورنا الإقليمي والدولي، والكف عن الخوض في المسائل الصغيرة التي تشوه صورة الدولة، وتفشي حالة من اليأس والإحباط، والتعتيم على الإيجابيات والإنجازات، والآمال والطموحات.