المواقع الإخبارية 16-6-2018
ماذا بعد!
أولا من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فمن الواجب علينا أن نوجه الشكر إلى أشقائنا في المملكة العربية السعودية والكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة على سرعة استجابتهم لدعم الاستقرار المالي في بلدنا من خلال حزمة إجراءات على شكل منح وودائع وقروض، الأمر الذي ساهم في استعادة التوازن في وقت قياسي بعد أن تمكن جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين من معالجة مشكلة الاحتجاجات الشعبية، التي كنا جميعا نخشى من أن يتم استثمارها من القوى المعادية للأردن، أو التي لها أجندات مشبوهة يقف الأردن عائقا في وجهها!
يعرف القادة الذين تنادوا إلى قمة مكة المكرمة بمشاركة جلالة الملك أن الأردن جزء لا يتجزأ من معادلة الأمن الإقليمي، وأنه يقوم بدوره الفاعل والقوي ضمن هذه المعادلة، وأن ما أصابه من أزمة اقتصادية خانقة كان بسبب وضع إقليمي لا ناقة له به ولا جمل، حيث لا مآرب له لا في العراق ولا سوريا ولا اليمن ولا ليبيا، غير أنه يتحمل دائما مسؤولياته للدفاع عن الأمن القومي العربي، مثلما يفعل كذلك بشأن الصراع العربي الإسرائيلي الذي يرى فيه التهديد الأكبر للأمن القومي المشترك.
ليس جديدا الخلاف بين الدول العربية حول مفهوم الأمن القومي وأولوياته وتحالفاته الإقليمية والدولية، دائما كانت هناك منطقة وسطى يلتقي فيها الجميع عندما يشعرون بأن أحد الأعضاء الرئيسيين يواجه مشكلة حقيقية، وهذا ما حصل مع مصر على سبيل المثال، حيث ما يزال ينظر إليها على أنها العمود الفقري للأمن القومي، ومع ذلك لا يمكن النظر إلى المساعدات الطارئة التي تأتي في ظروف معينة على أنها واجب، بقدر ما هي تعبير عن التضامن والمؤازرة في وقت الشدة، وهذا ما ظل الأردن يقدره للأشقاء بغض النظر عن حجم المساعدات المالية.
لكن الحقيقة التي نواجهها اليوم هي أننا سنظل بحاجة للدعم العربي والدولي نظرا لما يترتب على دور ومكانة وموقع الأردن من أعباء لا يستطيع تحملها منفردا، وليس الأردن وحده الذي يحتاج المساعدة، إن إسرائيل أكثر دولة في العالم تحصل على المساعدات المالية رغم عائداتها الاقتصادية الهائلة، والذين يدعمونها بهذه الصورة الفاحشة يعتقدون أنها تحقق مصالحهم القريبة والبعيدة.
ما لا يجوز التسليم به هو أن الاعتماد الكلي على المساعدات، بحجة أننا لا نملك موارد طبيعية كافية للصناعة والزراعة والتجارة، وهذا غير صحيح إذا عرفنا أي صناعة أو زراعة أو تجارة ستعود علينا بالفائدة، وإذا تمكنا من إن إعادة النظر في كثير من التشريعات والقوانين والأنظمة المعرقلة لحيوية الاقتصاد ونموه وازدهاره، وإذا أمكن إعادة هندسة الإدارة حتى ترتقي إلى مستوى التحدي، وتكون مثلا أعلى في التعبير عن مصالح الدولة وعدالتها ونزاهتها وقدرتها على النهوض.
ماذا بعد، سؤال يتوجب علينا أن نوجهه لأنفسنا، فالكل مسؤول بطريقة أو أخرى، وحتى أكون أكثر وضوحا أقول لقد انقضى زمن الدولة الرعوية أو الأبوية إلا في حده الأدنى، ولكثرة الحقائق الاجتماعية الصادمة التي نتحاشى الخوض فيها ليتنا نعقد مؤتمرا من أجل مراجعة وطنية شاملة.