الرأي الثلاثاء 17-7-2018
السمعة والمهمة !
اللافت في معظم كلمات أعضاء مجلس النواب التي استمعنا إليها حتى الآن أنها تشيد بشخص رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز كإنسان يحظى بالاحترام ، إنها مسألة تتعلق بالسمعة الشخصية ، وبتقدير مسيرته العملية التي تولى خلالها رئاسة عدد من المؤسسات الهامة ، إلى تولى حقيبة وزارة التربية والتعليم ساعيا إلى إحداث تطور نوعي في بيئة التعليم العام ، وخاصة في امتحانات الثانوية العامة ، وغير ذلك مما يدل على جديته في العطاء والانجاز .
وتلك السمعة والإشادة بشخص الرئيس لها معاني كثيرة ، من أهمها أنها تعكس الإجماع على ثنائية العلاقة بين السمعة الشخصية والقدرة على القيام بالمهمة ، وهي ثنائية محفورة في الذاكرة الجماعية عبر التاريخ الإنساني ، ومنه التاريخ العربي الإسلامي ، الذي خلد أولئك الذين تحلوا بالصفات الحميدة ، وأقاموا الحق والعدل ، وحققوا الانجازات الكبيرة ، وهو ما يفسر معيار الثقة أو عدم الثقة بقدرة الأشخاص على الوفاء بما يؤتمنون عليه من مصالح البلاد والعباد .
الناس في بلدنا يعرفون بعضهم البعض ، ويصعب تشويه سمعة الطيبين الأنقياء ، أو تجميل صورة السيئين الأشقياء ، ونحن نتفق على أهمية الجمع بين السمعة الطيبة والكفاءة والخبرة كأساس في اختيار القيادات العليا في الدولة ، سواء في القطاع أو القطاع الخاص ، ومن هذه الزاوية نشعر بالاطمئنان على الدولة ، وبعكس ذلك ينتابنا الشعور بالقلق على كل شيء !
كلمات النواب أظهرت حجم الانتقادات للأداء الحكومي بصفة عامة ، وقد يوافقهم رئيس الوزراء على كثير من تلك الانتقادات والملاحظات ، صحيح أن المسؤولية العامة تفرض عليه تحمل إرث الحكومات السابقة ، ولكن هل يجوز محاسبته على فشل سياسات غيره ؟ وها هو يقول للجميع حاسبوني على برنامجي ، وعلى أقوالي وأفعالي ، ومهما كان اعتراضكم على فريقي الوزاري ، فأنا أتحمل مسؤولية من اخترت إلى جانبي ، ولن أتردد في إخراج كل من يثبت أنه غير قادر على القيام بواجبه على الوجه الأكمل من حكومتي .
نقطة الخلاف هنا تأتي من أحكام مسبقة على بعض أعضاء الفريق الوزاري ، والرئيس يقول دعونا نحكم على النتائج ، وخلال فترة زمنية لا تزيد عن مئة يوم ، ولكن هذا النقاش يجب أن يأخذ في الاعتبار المساحة المتبقية من صبر الناس ، وانتظارهم الطويل للخروج من الأزمة الاقتصادية ، واستكمال مسيرة الإصلاح الشامل ، وتحقيق التنمية المستدامة ، وحل مشاكل الفقر والبطالة ، وتحسين مستويات المعيشة ، والأهم من ذلك كله تعزيز قوة الدولة وقدرتها على التعامل مع التطورات الإقليمية بما يحفظ أمنها واستقرارها ومصالحها العليا.