الرأي الثلاثاء 02-04-2019
المساندة وحدها لا تكفي !
من الطبيعي أن يقف الأردنيون جميعا صفا واحدا وسندا قويا لجلالة الملك عبدالله الثاني ، وليس مستغربا كل هذا التأييد الذي يأتي من فلسطين ومن أرجاء العالمين العربي والإسلامي ، ومن العالم المسيحي أيضا للمواقف التي أعلن عنها جلالته بشأن القدس ، ومقدساتها الإسلامية والمسيحية ، لقد أدرك الجميع أن صفقة القرن ما هي إلا تعبير عن لحظة تاريخية لنبوءات وروايات مرتبطة بنهاية الزمان ، ذلك على الأقل ما يقوله وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية بومبيو وسط طقوس دينية في كنيس تحت الأرض في القدس ، مشبها الرئيس ترامب بالملكة اليهودية إستر التي كانت زوجة ملك فارسي ، وهي كما يقال شخصية تاريخية مذكورة في التوراة ، أحبطت خطة لإبادة الشعب اليهودي !
صحيح أن تصريحات بومبيو متجهة نحو ايران ، ولكن المشهد بمجمله ، وكل ما نسمعه من تصريحات حول القيم المشتركة بين أمريكا واسرائيل ، فضلا عن الاعتراف بالقدس عاصمة لليهود ، ومنح السيادة على الجولان لإسرائيل ، يدلنا على أنه قد حان الوقت لكي نغير فهمنا لطبيعة ونوعية الصراع القادم في هذه المنطقة من العالم .
في برنامج تبثه قناة ” ترونيوز ” الأمريكية تم تخصيصه للحديث عن تصريحات جلالة الملك الأخيرة بشأن موقفه الصارم من القدس ، تساءل الصحافي الشهير اريك ويلز وفريقه ، ما الذي يقصده الملك بالخط الأحمر بالنسبة للقدس ، وللوصاية الهاشمية ، وبعد عرض مفصل للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية ، وتاريخ العلاقة الهاشمية ومعانيها الدينية والتاريخية ، وحقيقة ما يجري من ترتيبات لإنهاء تلك العلاقة ، يخلص إلى القول إنني أصلي من اجل الملك عبدالله ، من أجل أن يساعده على إقناع الأخرين للعمل من أجل السلام .
أقل من خمسة أشهر بين حصول جلالته على جائزة تمبلتون ، وحصوله على جائزة مصباح السلام ، وفي كلا المناسبتين حضرت شخصيات سياسية ودينية مرموقة تقديرا لدوره في الدعوة إلى التعايش والوئام بين أتباع الديانات ، وتعزيز السلام والعيش المشترك بين الشعوب وقد نظر إليه الجميع كقائد مسلم أعاد صياغة الإسلام في أذهانهم ، واستلهم من القرآن الكريم آيات ضمنها في الخطابين اللذين ألقاهما في المناسبتين من أجل أن يروا الصورة الحقيقة للدين الحنيف .
تلك هي الصورة الحقيقة لجلالة الملك ، ليس بالنسبة لنا وحسب بل لدى قوى الحق والخير والسلام في العالم كله ، والمساندة والتأييد بالمعنى العاطفي على أهميته ، ليس كافيا ، نحتاج إلى صياغة موقف جديد ، وأدبيات جديدة تعبر عن فهمنا لحقيقة ما يجري حولنا ، وتدلنا كذلك على عناصر قوتنا التي أشار إليها جلالة الملك حين قال ” شعبي معي ، ومن بعد سيقف معنا العرب والمسلمون ، وبالطبع يقف معه الذين حضروا حفل تكريمه في كتدرائية القديس فرنسيس بما يمثلونه من قيمة سياسية ودينية وأخلاقية .
نحن اليوم أمام اختبار حقيقي لمدى قدرتنا على تشكيل تيار قوي مساند لجلالة الملك ، يتخذ مسارات متوازية ، أهمها المسار المتعلق ببيتنا الداخلي الذي نستطيع إعادة ترتيبه بالمزيد من العمل والإنجاز ، والتغلب على الصعاب والتحديات والضغوط ، وتجاوز أزمتنا الإقتصادية التي أصبحنا ندرك أسبابها أكثر من أي وقت مضى ، وكذلك بالمزيد من الثقة بالنفس والاعتماد على الذات .