الموقع الاخباري جو 24 14-04-2019
الفرص الضائعة !
لدينا شعور عام بأننا أضعنا الكثير من الفرص لتحسين أوضاعنا العامة ، والنهوض باقتصادنا الوطني ، وبواقعنا الاجتماعي ، والفرصة تعني الوقت أو الظرف المناسب للقيام بعمل ما ، والفرصة الذهبية تعني اغتنام الظرف المناسب إلى أقصى درجة ، ويبدو أننا نكتشف الفرص بعد ضياعها ، أو أننا نخفق في تحديد الفرصة في وقتها !
أعطي مثالا واحدا على الأقل بالصخر الزيتي ليس كفرصة ضائعة منذ عدة سنوات، بل لإظهار المشكلة في فهمنا للفرص وكيفية التعامل معها ، فاحتياطات الأردن من الصخر الزيتي تترواح بين 40 إلى 60 مليار طن ، حسب تقديرات مجلس الطاقة العالمي للنفط ، وهي الأكبر بعد كندا ، والأجود عالميا ، فضلا عن القدرة على استخدامه بالحرق المباشر لانتاج الطاقة ، أو تقطيره لاستخراج النفط والغاز ، إلى جانب استخدام مخرجاته في صناعات كثيرة .
منذ أربعة عقود على الأقل ونحن نتحدث عن هذا ضرورة استغلال الثروة الطبيعية ونسمع في المقابل المعاذير والمحاذير ، في الوقت الذي نستورد فيه سبعة وتسعين في المئة من حاجتنا للطاقة ، ونتعرض لهزات قوية كلما ارتفعت أسعار النفط ، أو كلما تعرضت الإمدادات للخطر ، مثلما وقع لنا بسبب انقطاعات الغاز المصري ، وخلال تلك الفترة الطويلة كان بعض الخبراء يقولون إن تكلفة الانتاج باهظة مقارنة بالنفط المستورد ، والبعض الآخر يقول هذا كلام غير صحيح من حيث المبدأ ، لأن معارضي المشروع الضخم لم يأخذوا في الاعتبار حجم التشغيل للقوى العاملة الأردنية ، ولا النهضة التي ستشهدها مناطق استغلال الصخر الزيتي المتركزة في وسط وجنوب المملكة .
الآن هناك بدايات جديدة لا نعرف عنها الكثير ، ومع ذلك نقول أن نبدأ متأخرين خير من ألا نبدأ أبدا ، وعلى ما في هذه المقولة من أمل، إلا أنها تتناقض مع فكرة الفرصة المناسبة وكسب الزمن ، وذلك كله مجرد مثال واقعي وملموس ومثبت ، فكيف هو الحال إذا ما فتحنا ملفات فرص الاستثمارات التي هربت من عندنا ، أو اُجهضت من بداياتها ، أو كانت نتائجها أدنى من المأمول منها !
ها نحن نعرف أننا نعيش عصر ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، وأصبحنا ندرك أنها المقياس الأهم لمدى تقدم الدول أو تأخرها ، ومع ذلك ما زلنا نحتفظ بأدوات عصر مضى ، مثلما هو ظاهر في مناهج التعليم بجميع مراحله ، وفي التطبيقات المتواضعة للحكومة الإلكترونية ، والمدن الذكية ، وفي القطاعات كافة مع أننا نملك من الكفاءات والمهارات الإبداعية الشبابية ما يكفي لإسراع الخطى في هذا الاتجاه .
مجرد أمثلة على غياب المنهج التحليلي في إدارة الشؤون العامة ، ذلك المنهج الذي يقوم على معرفة نقاط القوة ، ونقاط والضعف ، والفرص ، والتهديدات أو المخاطر ، والأسوأ من ذلك أن البعض يمارس هذا المنهج كما لو أنه وجهات نظر ، وليس منهجا علميا يستخدمه المخططون وهم يرسمون إستراتيجيات الدول وخططها التنموية .
مرّ زمن طويل ونحن غير قادرين على فهم المعنى الحقيقي للتعاون بين القطاعين العام والخاص ، وإلى يومنا هذا لا يوجد تعبير عملي لهذا التعاون ، إلى درجة أن الحكومات تفسره على أنه نوع من إقامة علاقات ودية بين القطاعين ، مع أن القطاع الخاص هو أحد جناحي الاقتصاد الوطني الكلي ، والعلاقة بينهما تبدأ من التخطيط والمسؤولية المشتركة، وتنتهي بالنتائج الملموسة في جميع القطاعات .
وبعض الفرص نستطيع أن نوجدها ، ولا أتردد هنا عن القول بأن الأزمات التي أحاطت بنا في السنوات الأخيرة ، لم تحمل التهديدات والمخاطر التي قمنا بمواجهتها وحسب ، بل بالفرص التي أضعناها كذلك ، من دون أن نجد الوسائل المناسبة لكي نبيع إنتاجنا لدول لم تتوقف عن استيراد حاجاتها رغم الحروب الدائرة على أرضها !
اليوم نعرض الفرص الإستثمارية في بلدنا على المستثمرين الأجانب ، ونتحدث بثقة بالغة عن الميزة التنافسية لبلدنا ، فهل نستطيع أن نعرض هذه العروض على أنفسنا أولا ؟ !