الرأي الثلاثاء 23-04-2019
أحاديثنا في واد والواقع في واد آخر !
الأوساط السياسية والثقافية والإعلامية منشغلة بالحديث عن عنوان لأمر مجهول أو غير مكتمل تحت عنوان ” صفقة القرن ” وتحت هذا العنوان تكتب المقالات ، وتعقد الندوات ، وتدور الأحاديث ، وتؤلف المواقف ، وتصدر الاتهامات ، وكلها أحاديث في واد ، والواقع في واد آخر ، أقصد الواقع الذي نعيشه في بلدنا ، والأولويات التي تهمنا ، وأحوالنا التي تفرض تحدياتها علينا !
من باب الوضوح والتوضيح لا شيء يمنع من الحديث عن صفقة القرن ، ومستقبل المنطقة والعالم ، ولا عن التشكيل والتعديل الحكومي ، والتغييرات والتعيينات في المناصب العليا ، ولكن ما هي الفائدة لكل هذه الأحاديث ، ومدى انعكاسها على شؤوننا الداخلية ، وأزمتنا الاقتصادية والاجتماعية ، ومشاريع الإصلاح الشامل التي لم تعد أولوية في أحاديثنا واهتماماتنا الوطنية ؟
أحاديث المجتمع مؤشر مهم على طبيعة توجهاته ، وهنا يكمن دور ومسؤولية قادة الرأي من سياسيين واقتصاديين ومفكرين ومثقفين وإعلاميين وحزبيين وغيرهم ، في توجيه النقاش نحو ترتيب بيتنا الداخلي ، وذلك لا يعني القطيعة مع القضايا الخارجية ، خاصة عندما يتعلق الأمر بمصيرنا ، ومصير المنطقة التي نحن جزء منها ، والقضية الفلسطينية على الأخص ، ولكن ما فائدة ذلك كله إذا لم نهتم بواقعنا السياسي ، وما يتصل به من قانون انتخاب مناسب للمرحلة التي نمر فيها ، وبالأحزاب التي ما تزال على كثرتها عاجزة عن إعادة تشكيل ذاتها ضمن تيارات وطنية واضحة ومحددة ؟
وما أهمية الحديث عن أزمتنا الاقتصادية من باب التذمر والريبة والشك ، ونحن نتحاشى المصارحة بشأن تغيير عاداتنا الاستهلاكية ، والتقشف على جميع المستويات ، خوفا من النقد والتجريح ، حتى بتنا نعتقد أن الحل يأتي من عند الحكومة أو لا يأتي ، مع أننا ندرك بأن عناصر الأزمة عديدة ومتشعبة ، وأن جانبا منها يقع على المجتمع كله ، يتصدى لها من خلال التضامن والتكافل وترشيد متطلبات الحياة وتنظيمها .
لا أسمح لنفسي بالتنظير أو المزايدة على أحد لا سمح الله ، ولست بمعزل عما يخوض به الناس ، ولكنه مجرد سؤال أطرحه على ذاتي ، وأطرحه على القارئ ، لعلنا نصعد إلى الجبل!