مجلة الشرطة/ مديرية الامن العام 5/2019
دور الجامعات في التصدي للإشاعات
يوجد في الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة حوالي ثلاثمئة وخمسون ألف طالب وطالبة ، في حين يبلغ عدد الشباب من الفئة العمرية 15-24 حوالي المليونين ، حسب دائرة الإحصاءات العامة للعام 2017 ، ومعظم هؤلاء منتظمون في نهاية مرحلة التعليم العام وبداية التعليم العالي على مستوى البكالوريوس ، ولنا أن نتصور كم من هؤلاء يتعاملون مع شبكات التواصل الاجتماعي من خلال الحاسوب أو الهاتف النقال .
وكما كان يقال منذ بداية عهد ثورة الاتصالات والمعلومات ، فالمجتمعات شبابيك مفتوحة والناس كلهم حديث في كل شيء ، وعن أي شيء ، والفضاء الوهمي من حولهم تختلط فيه الحقيقة بالخيال ، حتى أن المسافة بين العالم الواقعي والعالم الافتراضي قد ضاقت إلى درجة يصعب معها التمييز بينهما ، ما دام بالإمكان تركيب الصور والألوان لترسم شخصيات وهمية كما لو أنها حقيقية ، وكذلك هو حال الأخبار الملفقة والإشاعات التي يولد بعضها على حافة الحقيقة .
والموضوع الأكثر خطورة الذي قلما يثير اهتمام الرأي العام هو ” منظومة الأمن السيبراني ” التي يتم اختراقها من جهات عديدة لتهدد أمن المعلومات والاتصالات ، بما يشكل خطرا حقيقيا على أمن واستقرار الدول والمؤسسات ، وفي هذا المضمار سجل بلدنا الأردن الحبيب تفوقا مشهودا ،حيث جرى تصنيفه في المركز الأول عربيا ، والرابع عالميا في مؤشر الأمن السيبراني الدولي للعام 2017 ، ذلك أنه تمكن من التصدي لأكثر من 70 مليون هجمة إلكترونية في العام 2016 .
ولا يتوقف الأمر عند محاولات الاختراق ، وإنما تتعداها إلى ترويج الأخبار والمعلومات المزيفة للنيل من استقرار الدول ، لذلك نحن في مواجهة جدية للمخاطر الناجمة عن هذا التحدي الأمني الناجم عن الدوافع الشريرة لاستخدام ثورة المعلومات والاتصالات ، تفرض علينا ايجاد الوسائل اللازمة لكسب تلك المعركة شديدة التعقيد .
من هنا تأتي مبادرة ” فتبينوا ” التي أطلقتها مديرية الأمن العام على إثر المقال الذي نشره جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه ، لكي تخاطب ضمير الإنسان الأردني وعقيدته الراسخة في وجدانه ، ولكي يكون الوعي الوطني عاملا من عوامل التصدي للإشاعات ، والاخبار المزيفة ، والأهم من ذلك صيانة السلم الاجتماعي ، ونعمة الأمن والاستقرار .
وكان من الطبيعي أن تتضامن جامعة الشرق الأوسط مع تلك المبادرة ، وتتفق مع مديرية الأمن العام ، بدعم قوي من عطوفة الأخ اللواء فاضل الحمود حفظه الله ، لتوسيع جوانب التأثير لتلك المبادرة النبيلة من خلال دور فاعل تقوم به الجامعات على أسس علمية وبحثية سيتم وضعها في مؤتمر ينعقد لهذه الغاية ، وبرنامج تنفيذي يشارك فيه الباحثون بأبحاثهم العلمية ، ويشارك فيه طلبة الجامعات بالتفاعل الجامعي والجماهيري .
وفي المقابل أدخلت الجامعة بالتعاون مع جامعة بيدفوردشير تخصصات جديدة على مستوى البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في مجالات الأمن السيبراني ، وأمن الحاسوب والجرائم الإلكترونية ، وحثت الباحثين على توجيه أبحاثهم العلمية نحو كيفية التصدي لكل ما يشكل تحديا لأمننا الوطني .
من هذه الناحية تستطيع المدارس والجامعات أن تقوم بدور كبير لتأسيس حالة من الوعي للشباب الذين بقدر ما يتأثرون بالشائعات ، بقدر ما يؤثرون في التصدي لها إذا قمنا جميعا بتعزيز وعيهم الوطني ، وتعظيم القيم والمبادئ والمثل العليا التي قام عليها بلدنا الأردن الحبيب ، وحفظ بها أمنه واستقراره وتقدمه على الدوام .