جريدة الغد بتاريخ 12 أيلول 2012
بظهور التوجهات العالمية الداعية إلى مشاركة أفراد المجتمع في القرارات التي تهمهم، والساعية إلى تعميق مبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة، برز إلى السطح اهتمام كبير بمفهوم الحاكمية، وظهرت رؤى فلسفية جديدة تؤكد على أهمية الإصلاح المجتمعي من خلال تطبيق مفهوم الحاكمية في مؤسسات الدولة جميعها.
وإذا أوجزنا مفهوم الحاكمية، فإنه يعني إشراك مختلف الأطراف في مؤسسات الدولة في عملية اتخاذ القرار، وتوفير المعلومات لجميع الأطراف ذات العلاقة وللمواطنين بشفافية ووضوح، وتحديد مسؤولية كل مسؤول وصلاحياته وواجباته في إدارة الدولة أو المؤسسة بهدف تجنب حدوث الفساد الإداري، سواء على مستوى الدولة أو على مستوى المؤسسات، والتأكد من أن جميع مؤسسات الدولة تدار بطريقة سليمة، وأنها تخضع للرقابة والمتابعة والمساءلة، وأن جهود إدارات الدولة تتركز في المحافظة على المصالح العليا للدولة والمجتمع بهدف الوصول إلى أعلى درجات الكفاءة في العمل والإنتاج.
ومن هنا، فإن الحاكمية تسعى إلى رفع كفاءة أداء المؤسسات، ووضع الأنظمة الكفيلة بالحد من ظواهر الغش وتضارب المصالح والتصرفات غير المقبولة، ووضع أنطمة الرقابة على الأداء، ووضع هيكل يحدد توزيع الحقوق والمسؤوليات كافة، وتحديد القواعد والإجراءات والمخططات المتعلقة بسير العمل داخل المؤسسة.
ويمكن إجمال الأهداف التي يمكن تحقيقها من خلال تطبيق نظم الحاكمية بالآتي:
– تحقيق الشفافية والعدالة، ومنح الحق في مساءلة إدارة المؤسسة للجهات المعنية.
– تحقيق الحماية اللازمة للملكية العامة، مع مراعاة مصالح المتعاملين مع مؤسسات الدولة المختلفة، والحد من استغلال السلطة في تفصيل المصلحة العامة.
– تحقيق فرصة مراجعة الأداء من خارج أعضاء الإدارة التنفيذية، تكون لها مهمات واختصاصات وصلاحيات تحقيق رقابة فعَالة ومستقلة.
– زيادة الثقة في ادارة الاقتصاد القومي، بما يسهم في رفع معدلات الاستثمار وتحقيق معدلات نمو مرتفعة في الدخل القومي.
إن الطموحات السامية من تحقيق هذه الأهداف تفرض على جميع الأطراف المعنية اتخاذ عدد من الإجراءات للمساعدة على تحقيقها، وأهمها:
– إكمال مظلة التشريعات التي تستهدف تطبيق مفهوم الحاكمية في مختلف أجهزة الدولة، لما لهذا النظام من أهمية لتحقيق الهدف الأساسي في الحفاظ على المال العام وتنميته.
– إلزام الوحدات التنظيمية في الدولة باعتماد أنظمة الجودة الشاملة، وتأهيل تشكيلاتها للحصول على المواصفات العالمية.
– إجراء تقييم دوري لمبادئ الحاكمية تبعاً لتغيرات كل مرحلة.
– دعم الأجهزة الرقابية من خلال ضمان استقلاليتها، وتعزيز الصلاحيات الممنوحة لها، وتطوير القوانين بما يتواءم مع متطلبات المرحلة الراهنة، واعتماد مخرجات أعمالها كأحد أدوات تقييم الإدارات.
– إلزام أجهزة الدولة بتحديد متطلبات الحاكمية والسعي إلى تطبيقها والعمل بموجبها، وإلزمها بمعايير الإفصاح والشفافية وعرض مخرجات عملها على الجمهور.
– قيام الجمعيات المهنية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام بالتعريف بمبادئ الحاكمية ومدى تأثيرها في دعم البنى التحتية لمؤسسات الدولة المختلفة.
– توسيع تجربة “مجلس الإدارة” لتشمل كافة الأجهزة الإدارية للدولة.
– اعتماد مبدأ الإدارة بالنتائج والذي يمثل باختصار تقييم الإدارات بناءً على تحقيق أهدافها خلال المراحل السابقة.
yacoub@meuco.jo