جريدة الغد بتاريخ 8 آب 2012
ظهر في بدايات التسعينيات من القرن العشرين أسلوب جديد في تقييم الأداء، عُرف باسم “بطاقة الأداء المتوازن”. وهو أسلوب يأخذ بعين الاعتبار التوازن بين النتائج المالية والمحرك الذي يدفع النمو، والتوازن بين الأجل القصير والأجل الطويل، والتوازن بين التكتيك والاستراتيجية.
وفي العام 1996، قدّم “كابلان ونورتن” بطاقة الأداء المتوازن ذات الأبعاد الأربعة: البعد المالي الذي يؤكد على ضرورة إعطاء الأولوية دائماً للبيانات المالية الدقيقة، مثل العائد على الاستثمار، وتكلفة المنتجات، والربحية، والتدفّق النقدي.. إلخ. وبُعد العمليات الداخلية، ويتضمن التركيز على مقاييس الأداء للعمليات الداخلية من أجل تطوير المؤسسة من الداخل، للمحافظة على مستوى عالٍ من الأداء فيما تقوم به من عمليات؛ ويشمل هذا البُعد الاهتمام بتلبية رغبات العملاء من حيث جودة المنتج. وبُعد التعلم والنمو، ويركز على أهمية التنمية الذاتية المستمرة للعاملين، وترسيخ مبدأ الثقافة المؤسسية، وتوفير أدوات الدعم والمساندة، وتسهيل عملية الاتصال وتوظيف التقنية الحديثة. وبُعد العملاء الذي يؤكد على الاهتمام بتحقيق رغبات المستفيدين، عن طريق تقديم منتجات أو خدمات جديدة، أو الاستجابة لشكاوى العملاء، أو تحسين الخدمة أو أسلوب البيع.
ترتبط بطاقة الأداء برؤية المؤسسة واستراتيجيتها. وهي إحدى التقنيات المحاسبية الإدارية والاستراتيجية التي تهدف إلى تقييم الأداء من جميع الجوانب. وهي نظام إدارة وتخطيط استراتيجي، يستخدم للحصول على التغذية الراجعة حول العمليات الداخلية والنتائج العملية. كما أنها أداة تواصل، تهدف إلى توضيح استراتيجية المؤسسة لجميع العاملين فيها. وهي نظام إدارة للأداء على مستوى المؤسسة، يسهم في تحقيق مراجعة الأداء الدورية، والتعلم لتحسين الاستراتيجية، ويعمل على تحقيق الاستدامة في العمليات التشغيلية في المؤسسة، وتطبيق الإدارة الفعالة للموارد البشرية من خلال تحفيز الموظفين على أساس الأداء.
وتتّضح أهميّة بطاقة الأداء من خلال كونها حجر الأساس للنجاح الحالي والمستقبلي للمؤسسة، على عكس المقاييس المالية التقليدية التي تفيد بما حدث في الماضي بدون الإشارة إلى كيفية الاستفادة منها في تحسين الأداء المستقبلي؛ وتعالج ربط استراتيجية المؤسسة البعيدة المدى مع أنشطتها القريبة المدى، وتُمكّن من تشخيص وتحديد مجالات جديدة ينبغي أن تتميز بها المؤسسة لتحقيق أهداف المستهلك والمؤسسة، وتساعد في التركيز على الواجب عمله لزيادة تقدم الأداء، كما أنها تعمل كمظلة للتنويع المنفصل لبرامج المؤسسة، مثل الجودة وإعادة التصميم وخدمة العملاء، وربط الاستراتيجية بالنشاطات والمسؤولية الواضحة للأهداف والموارد، وتعطي صورة متوازنة عن المؤسسة، وتوضّح الرؤية وتحسن الأداء وتضع تسلسلا منطقيا للأهداف، وتوفر التغذية الراجعة للاستراتيجية، وتربط المكافآت بمعايير الأداء.
وأخيراً، فإن مصطلح “متوازن” في البطاقة جاء لأن أنظمة القياس للأداء المالي تركز على النتائج المالية التي تعكس وجهة نظر المالكين، ولكن في الثمانينيات وبداية التسعينيات تحول الاهتمام بصورة كبيرة إلى المستهلكين والجودة والخدمات، وأهمل جانب المالكين، فأصبح التركيز غير متوازن، الأمر الذي أدى إلى أن العديد من الشركات قد نجحت في الجودة وإرضاء العملاء ولكنها تعرضت لخسائر، لذلك حصلت على هذه التسمية من خلال محاولة التوازن بين المقاييس المالية وغير المالية لتقييم الأداء.
yacoub@meuco.jo