جريدة الغد بتاريخ 20 حزيران 2012
لا يمكن تنفيذ الإصلاح المجتمعي في أي دولة أو مؤسسة من مؤسساتها إلا من خلال تطبيق الحاكمية. وهذا ما جاء في خطاب العرش؛ إذ أكد جلالة الملك عبدالله الثاني فيه على تعزيز منهج الحاكمية بهدف تحقيق التنمية المستدامة والشاملة، وتطبيق مبادئ المساءلة والشفافية والمشاركة كآليات لمكافحة الفساد وبناء التوافق والعدالة والمساواة والكفاءة، وبالتالي الإصلاح المجتمعي في جميع الجوانب. وهذا لا يتحقّق إلا من خلال تحقيق متطلّبات الحاكمية، والتي تتمثّل في: وجود سلطات سياسية منتخبة وشرعية تمارس صلاحياتها وفق اعتبارات قانونية وأخلاقية مستمدة من العادات والتقاليد المجتمعية، إضافة إلى الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية بحيث تعرف كل سلطة دورها وطبيعة العلاقات بينها بصيغة متوازية؛ وتعزيز حكم القانون وعدم وجود جهات تعد نفسها خارج إطار هذه التشريعات القانونية السائدة في المجتمع.
ومن متطلبات الحاكمية أيضاً تعزيز مبادئ المحاسبة والمساءلة للجميع دون استثناء أحد مهما تكن صفته السياسية والاجتماعية، ومهما يكن موقعه في الدولة أو المنظمة، ووجود مجلس محلي كفؤ وفاعل يضع برامجه ويناقشها وينفذها في ضوء حرص تام على مصالح المجتمع ودون تحيز أو محاباة.
ومن المتطلّبات أن تكون الشفافية تامة، بهدف نشر واسع للمعلومات لجميع الأفراد دون حجب أو تشويه، ما يرتبط بكافة أوجه العمل في الدولة أو المجتمع المحلي؛ منظمات مجتمع مدني متطورة تمارس دورها كاملا دون قيود، وباستقلالية تعد من متطلّبات الحاكميّة، إضافة إلى اجتثاث حالات الفساد وتجفيف مصادره على صعيد الأفراد والمنظمات، وتوافر مشاركة واسعة على مختلف الأصعدة، دون استثناء بسبب الجنس أو الفئة أو الطائفة أو المجموعة السياسية.
كما ولا بد من توافر رؤية استراتيجية تتحدد في إطارها الخيارات حسب الأولويات، بما يعزز قدرة النهوض بالمجتمع المحلي. وتعزيز مفهوم تنفيذ القانون والمؤسسات بعيدا عن الاعتبارات الشخصية والقيادات مهما كانت هذه القيادات ومهما كان دورها.
كما وإن حسن استجابة المؤسسات والمنظمات في إطار آليات شفافة لغرض خدمة المجتمع وتلبية متطلباته دون استثناء، تُعد من المتطلّبات الرئيسة للحاكميّة بهدف الإصلاح المجتمعي.
yacoub@meuco.jo