جريدة الغد بتاريخ 13 حزيران 2012
يعد تطبيق الحاكمية وسيلة ناجحة لإجراء إصلاحات إدارية شاملة في أجهزة الدولة، تؤدي إلى الإصلاح المجتمعي. وقد يكون من المناسب تكثيف الجهود باتجاه تطوير التشريعات بما يضمن مواكبة التطورات الحاصلة، وبما يصب في المحصلة النهائية باتجاه الحفاظ على ممتلكات وموارد الدولة وتطويرها واستخدامها بالشكل الأمثل، فضلاً عن تفعيل دور المؤسسات الرقابية. إذ إن من أبرز مهام هذه التشكيلات هو الحفاظ على الممتلكات العامة، وبالتالي فإن تفعيل دورها ودعمها وضمان استقلاليتها ومهنيتها يعني التطور باتجاه الحفاظ على المال العام وتنميته. كما لا يفوتنا في هذا المجال التأكيد على دور المجتمع المدني والإعلامي في الرقابة، إذ إن الارتقاء بثقافة المجتمع يجعل منه خير رقيب على المال العام.
كما أن نظام الحاكمية، بما يتضمنه من قوانين وتعليمات وأسس، يمثل في حقيقته اتجاهاً إصلاحيا يوفر أساسا ثابتا وثقة كاملة للمتعاملين مع مؤسسات الدولة المختلفة، بحيث يوفر هذا الأساس ضماناً للجدوى الاقتصادية المستهدفة من تعاملاتهم المختلفة.
إن التأثير المتبادل بين مؤسسات الدولة والبيئة التي تعمل ضمنها يستوجب الاهتمام والتركيز على الأبعاد الاجتماعية الناتجة عن عمل المنظمات داخل المجتمع، بهدف تعظيم الفائدة المتوخاة من عملها، وتحقيق أهدافها وتقليل الآثار السلبية التي قد تنتج عن ذلك إلى أدنى الحدود الممكنة. كما أن نظام الحاكمية، بما يكفله من توفير المعاملة المتكافئة لجميع أفراد الشعب، يمثل في حقيقته اتجاهاً إصلاحيا من خلال تحديد الحقوق والواجبات، وبما ينمي الشعور الوطني والولاء لعموم أفراد الشعب. كما يُعد الإفصاح من المبادئ الأساسية التي أشارت إليها المعايير المحاسبية الدولية، وبمثابة تطوير الأسس والقواعد المعتمدة في التدقيق، والتي أشارت إليها مبادئ الحاكمية، وهو ما يتعلق بالإعلان عن نتائج الأعمال بشكل عام، فضلاً عن إعلان الأهداف التي تسعى المنظمة إلى تحقيقها بشكل واضح ودقيق، والتي تصب في المحصلة النهائية باتجاه تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية العليا. إن من المبادئ الرئيسة الذي يجب الاتفاق عليها والعمل لتحقيقها “مبدأ الشعب أولاً”، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إعلان البيانات المالية والمركز المالي لتلك المؤسسات، وفي أوقاتها المحددة، بالإضافة إلى المؤشرات الإحصائية الأخرى، وحسب خصوصية كل نشاط، وبما يؤدي إلى تكوين صورة واضحة لدى المعنيين والمهتمين بخصوص تلك المؤسسات.
كما يستوجب هذا الاتجاه أيضا الإفصاح عن جميع المزايا العينية والنقدية التي يتمتع بها القائمون على الإدارة في تلك المؤسسات، ومدى تطور المركز المالي لهم، بالإضافة إلى المخاطر التي قد تتعرض لها أعمال المؤسسة المعنية والتي قد تحول دون تحقيقها لأهدافها المعلنة. وتعزيزا لذلك، تقوم المؤسسة أيضا بالإفصاح عن الإجراءات والهياكل التي اعتمدتها للسير بخطى واضحة وثابتة باتجاه تطبيق متطلبات الحاكمية، وللمرحلة التي تم الوصول إليها.
أما الشفافية، فهي تضمن اطلاع الشعب على كافة المعلومات والوثائق الخاصة بعمل أجهزة الدولة، بما ينمي فرصة جديدة لتكوين صورة واضحة عن عملها والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها. ومما تجدر الإشارة إليه، أن الإفصاح والشفافية لا يشملان كافة المعلومات عن المؤسسات والعاملين فيها، وإنما الجزء الذي لا يتعارض مع خصوصية عمل هذه المؤسسات التي من شأنها إلحاق إضرار بها أو بالعاملين فيها. لذا، نرى أن من الضروري تحديد كافه المعلومات التي يتطلب الإفصاح عنها لتجنب سوء استخدامها من قبل الجهات الأخرى، والأخطاء التي قد تقع نتيجة إعلان هذه المعلومات.
في الواقع الحالي الذي تعمل فيه مختلف أجهزة الدولة، من دوائر حكومية أو مؤسسات عامة، فقد تم تحديد إدارتها من جهة معينة كالمدير أو مجالس الإدارة. وفي كلتا الحالتين، فإن الإدارة، سواء كانت شخصا محددا أو مجلسا، ستكون هي المسؤولة الأولى عن درجة تحقيق أهداف المؤسسة، عملا بالمبدأ الإداري “الإدارة بالنتائج”. ويمكن قياس مدى نجاح الوحدة الاقتصادية وكفاءتها بمدى تحقيقها للأهداف المرجوة منها، مع ملاحظة التأثير على الجوانب الأخرى، إذ سبق أن أسلفنا أن المؤسسة كنظام تعمل ضمن بيئة معينة؛ تؤثر وتتأثر بها باستمرار.
yacoub@meuco.jo