جريدة الدستور بتاريخ 29 آذار 2012
تباينت وتعدّدت تعريفات ثقافة المنظّمة تبعاً لثقافة وخلفية الباحثين وبيئاتهم، فمنهم من عدّ ثقافة المنظّمة بأنها مجموعة القيم والافتراضات والمعتقدات والمفاهيم التي يتقاسمها جميع منتسبي المنظّمة وتكون أساساً لأعمال المنظّمة وأنشطتها، وأضاف آخرون إلى التعريف السابق اللغة والرموز والشعارات والتوقعات، في حين ركّز آخرون في تعريفاتهم لثقافة المنظّمة على اللباس وعلى المباني والشعارات.
ومزج آخرون بين الأنماط الفكريّة والسلوكيّة بما يدعى النسيج الثقافي الذي يوازن بين العقل والعمل. وعدها آخرون بأنها السبيل لحل جميع الصراعات داخل المنظّمة وهي وسيلة التعامل الفعالة مع البيئة، وهي الإدارة التي تسخّر لتحقيق ذات المنظّمة. ومن سمات ثقافة المنظّمة؛ وضوح الأهداف، التكامل بين الدوائر والوحدات المختلفة، الحريّة في خلق الأفكار الجديدة وتحمل المخاطر، وتقبّل المبادرة الفرديّة وتقديرها، وتوافر الرقابة الداخليّة والخارجيّة للمنظّمة. ويُعد التغيير من أبرز سمات ثقافة المنظّمة لأنه المدخل الرئيس للتطوير ومسايرة جميع المستجدات المعاصرة، وقد يكون بشكل متدرّج أو بشكل سريع.
ومن شأن هذه السمات أن تقود إلى الإبداع الذي يتطلّب الكثير من الإتقان، وهذا لا يتحقق إلا من خلال ثقافة منظّمية قويّة مختمرة في عقول قيادات ومسؤولين يشجعون الإبداع والمبدعين، إذ يُعد الإبداع متطلّب رئيس من متطلّبات نجاح وبقاء واستمراريّة أية منظّمة، لا سيما فيما يشهد العالم حالياً من تحدّيات معاصرة.
إنّ المنظّمة المبدعة لا بد وأن تتصف ثقافتها بالشموليّة والتجذّر والعمق والرسوخ لدى أفرادها وعلى جميع مستوياتها الإداريّة، ويتقاسمها الجميع ويؤمنون بها، لذا، لا يقتصر دورها على الإبداع والتغيير والتخطيط الإستراتيجي، بل يتعدّى ذلك إلى الجودة والعمل على تحسين وتطوير النوعيّة، والتي جاءت نتيجة التحدّيات العالميّة المعاصرة، مثل العولمة والانفتاحات الإقتصاديّة، والتقدّم التكنولوجي وشبكات المعلومات، وظهور منظّمات المواصفات العالميّة (ISO)، واتفاقيّة التجارة العالميّة (GATT)… وغيرها، وهذا أوجب على المنظّمات كافّة إنتهاج أسلوب علمي واقعي يهدف البقاء والتميّز والمنافسة، واستثمار الطاقات الإنسانية الفاعلة لتحقيق أداء أكثر فاعليّة.
وقد أشارت العديد من الدراسات أن أكثر المنظّمات نجاحاً وذات الربحيّة العالية والمردودات الماليّة المميّزة هي التي تتّصف بمواصفات ثقافيّة قويّة مثل المنتجات ذات الجودة العالية، والحصّة السوقيّة الواسعة، والعملاء والمزوّدين من الذين لديهم مصداقية عالية، لذا فإن تحقيق الجودة يعود إلى ثقافة المنظّمة والتي تتطلّب التميّز والتفوّق في الأداء، وهذا سيعمل على بلوغ أهداف المنظّمة وبدرجة عالية من الإتقان.
yacoub@meuco.jo