جريدة الدستور بتاريخ 12 آذار 2012
تتميّز الحاكميّة في الجامعات عن أي نظام إداري آخر بأن الطالب هو محورها الأول ومحور جميع عملياتها، فإذا كانت الحاكميّة تقوم على مشاركة الطلبة في صناعة السياسات والقرارات والآليات التي تسمح للجامعة بتحقيق أهدافها في تقديم خدمة تعليميّة متميّزة ومراقبتها وتقييمها ومن ثمّ تطويرها، فكيف يمكن ترجمة هذا في حيّز التطبيق العملي وبشكل إجرائي يمكن على أساسه قياس مستوى مشاركة الطلبة في إدارة الجامعة.
يتطلّب هذا في البداية وجود نظام لمحاسبة جميع الأطراف، يتحدّد فيه دور كل طرف ومسؤولياته، ويُقيم أداؤه بطريقة مُعلنة وشفافة، وفقاً لطبيعة الدور وحجم المسؤوليات المنوطة به، وهو ما يعني في هذه الحالة إعادة صياغة العلاقة بين إدارة الجامعة وطلبتها. وفي هذا الإطار يمكن أن تتنوع مهمات وأدوار الطلبة بين المشاركة في وضع سياسة الجامعة والقرارات الإدارية فيما يتعلق بالأمور الأكاديمية وغير الأكاديمية، التي تؤثر عليهم بطريقة مباشرة، فممارسة الطلبة لهذا الدور تُعد من الأمور المهمة لتنمية شخصياتهم، وتدريبهم على التفكير والفهم العميق للمشكلات، وتسهم في بناء حالة من التوافق بين الطلبة وأعضاء الهيئتين التدريسيّة والإداريّة، وهو ما يُنمي انتماءهم وولاءهم للجامعة، كما ينمي قدراتهم المستقبلية على التعامل مع مشكلاتهم المجتمعيّة، ومن ثم ينمي انتماءهم وولاءهم للمجتمع.
ومن بين ما يُلقى على الطلبة من مهمات إيجابيّة في إطار تطبيق الحاكميّة في الجامعة ومشاركتهم في مسؤولية وضع خطط الأنشطة الطلابيّة خارج قاعات الدراسة، أو في أماكن تواجد الطلبة في الكليات وأماكن مُزاولة للأنشطة، والتي يجب أن تتمتّع بأوسع قدر من الحرية. مما يمنحهم إحساساً حقيقياً بالمسؤولية، ويشعرهم بأن لهم دورا مهما في الجامعة، وأن لآرائهم الأثر الكبير في تطوير الجامعة وتفعيل دورها الداخلي والخارجي.
كذلك فإن لمشاركة الطلبة لإدارة الجامعة في اتخاذ القرارات الخاصة بتطوير البرامج التعليمية، أو في إدخال برامج تعليميّة جديدة، تلبّي احتياجاتهم واحتياجات المجتمع المحلي، أثرها البالغ في شعورهم بالدور المُلقى على عاتقهم، كما وأن مشاركتهم في تقييم الإدارة الجامعيّة، وتقييم أساتذتهم، وفي تقييم البرامج التعليميّة سيّولد لديهم احساساً بالمسؤوليّة، وهو ما سوف يكون له مردود مفيد جداً على تطوير العملية التعليمية بكاملها والذي سيؤدي في النهاية إلى جودة المخرجات، كما ويجب أن يُعطى الطلبة في ظل تطبيق الحاكميّة فرصة كبيرة للمشاركة في إعادة تشكيل المناخ الجامعي بمنحهم أكبر مساحة لتكوين الكيانات التي يريدون تكوينها وليست المفروضة عليهم فقط، مثل الأُسر الطلابية، بجانب بناء اتحاداتهم الطلابية بشكل ديمقراطي، وهو ما يدربهم عملياً على مهارات القيادة الحكيمة والمشاركة السياسية.
هذه المسؤوليات وأوجه المشاركة المتعددة يجب أن يمارسها الطلبة في ظل أعلى سقف متاح من الحرية، حتى تتضح فيه مسؤولياتهم، ويمكن بناءً على هذا تقييم آدائاتهم ومحاسبتهم، وهو الشيء الذي لن يتحقق إلا إذا كان هناك إيمان حقيقي داخل المجتمع الجامعي بأن الشباب قادر بمبادراته وإبداعاته على أن يسهم مساهمة حقيقية في تطوير العملية التعليمية، وتطوير الجامعة، بل وتطوير المجتمع.
yacoub@meuco.jo