جريدة الدستور بتاريخ 5 آذار 2012
تعد الجامعة المؤسسة الأولى في إعداد كوادر المجتمع في مختلف مجالات الأنشطة الحياتية الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة لدورها في إعادة صياغة التوجهات الثقافية والمعرفية للمجتمع، وإيجاد الحلول التقنية والعملية لكثير من مشكلات تطوير الإنتاج والكفاءة المهنية وزيادة الموارد …. وغيرها.
وذلك من خلال البحث العلمي التطبيقي الموجه، وهذا من شأنه أن يرتقي بجودة التعليم الجامعي حتى يصل بمستوى الخريج إلى مستوى التنافسية الدولية، وامتلاك معاييرها.
إن السعي إلى التميز وجودة ما تقدمه الجامعات من خدمات تعليمية وتنموية وبحثية في ضوء التحديات المعاصرة، يشترط إحداث تطوير نوعي في قيادات الجامعات، بمعنى ضمان استقلالية وتوافر جهاز إداري كفؤ يتولى قيادتها له من الخبرة والمعرفة بأساليب الإدارة العالمية للجامعات من وضع خطط استراتيجية للبحث والتدريس وخدمة المجتمع، واستغلال الموارد، والسيطرة النوعية وتحسينها، والإدارة المالية الحسنة، ومعالجة المشاكل، وسن القوانين، والأنظمة المتعلقة بالعمل الأكاديمي والإداري داخل الجامعة، وطرق تقييمها، وفرض الرقابة على ممارسات أعضاء الهيئتين التدريسيّة والإداريّة، ورسم السياسات حول دور الجامعة في مجتمعها الخاص والعام.
إن إدارة الجودة الشاملة والتي تمثّل مدخلاً لتطوير شامل للمجالات كافّة ومراحل الأداء وتغيير نهج قيادة الجامعة في هذا الاتجاه يطرح مباشرة سلسلة من القضايا المتشابكة والمرتبطة بالموضوع، منها قضية الثقافة العامة السائدة في المجتمع، وغياب الإفصاح والشفافية والمساءلة والمشاركة حول ما يتم داخل أسوار الجامعة وما يطبق من سياسات وبرامج، وكذلك قضية مشاركة أصحاب المصالح بشكل أو بآخر في اتخاذ القرارات، وتوجيه دفة العمل الجامعي والحوار حول التحديات التي تواجهه، سواء أكانت آنيه أم مستقبلية، مع العلم أن ذلك كله لا يمكن أن يتم دون التطرق إلى قضية قيادة الجامعات، وكيف يُخطط لأنشطتها وكيف تُراقب تلك الأنشطة.
وحتى تتمكّن الجامعات من تحقيق الجودة الشاملة في أدائها في ظل تطبيق الحاكميّة فيها، لا بد من أن تكون رؤية الجامعة ورسالتها وأهدافها وقيمها مُعلنة وواضحة لأعضاء الهيئتين التدريسيّة والإداريّة، وكذلك لمجالس الحاكميّة فيها، إذ أن كل ذلك يُعد المظلّة الأساسيّة للتخطيط الإستراتيجي الذي تُمارسه الإدارة العليا في الجامعة، ويجب أن تركّز الأهداف على التحسين المتواصل في جودة المخرجات أو المرونة الواسعة في تعديل اتجاهات الخطّة وتخفيض التكاليف من خلال تحسين النوعيّة، مما يتطلّب من الجامعة السعي إلى تغيير جذري في فلسفتها الإداريّة.
كما وعلى جميع أعضاء مجالس الحاكميّة في الجامعة مراقبة ومتابعة القرارات، وحل مشكلات الجامعة ومتابعة تنفيذ أنشطتها الصفيّة واللاصفيّة، وتطوير الموارد البشريّة والتنظيميّة في الجامعة، إضافة إلى تقييم البيئتين الداخليّة والخارجيّة لها، والاستفادة من التغذية الراجعة الناتجة عن التقييم، بهدف إعادة النظر في الخطّة الإستراتيجية للجامعة. وحتى تتحقّق الجودة لابد من تحويل الأستاذ الجامعي من مُقدِّم للمحتوى التدريسي، إلى مُساعد للتعلّم من خلال إدخال الطلبة في الحوار الناقد وتطوير خبراتهم ومهاراتهم وزيادة وعيهم حول الآراء النظريّة المختلفة بهدف تعليم الطلبة كيف يتعلّمون، وتسهيل الوصول إلى المصادر المتخصّصة، وإتاحة الفرص أمام أعضاء الهيئتين التدريسيّة والإداريّة في المساهمة في خدمة المجتمع والنمو المهني كل في مجال اختصاصه، إضافة إلى توفير الفرص التدريبيّة لهم والارتقاء بمستوى الإنتاج الفكري لأعضاء هيئة التدريس من حيث العُمق والإبداع والأصالة. كل ذلك يتحقّق في إطار الجودة الشاملة في ظل الحاكميّة.
yacoub@meuco.jo