جريدة الدستور بتاريخ 29 شباط 2012
يساعد تطبيق الحاكمية في الجامعات على بلوغ غاياتها الاستراتيجية، إذ يؤدي تطبيقها إلى تأطير العلاقة ما بين الجامعة ومجالس حاكميتها وأصحاب المصالح والعاملين فيها وطلبتها على أُسس علميّة واضحة، إضافة إلى تحديد المسؤوليات الملقاة على عاتق كل منهم ومتابعة تنفيذها، كما أنها تساعد على اجتثاث حالات اللامبالاة والفساد، والهدر غير المسؤول التي قد تقع في الجامعات من خلال تطبيق سياسات تتّسم بالوضوح والشفافية، وتمكين جميع منتسبي الجامعة وطلبتها من ممارسة دورهم بصورة كاملة وبدرجة عالية من الإتقان. وتوفر الحاكمية بيئة صحيّة للعمل من خلال مبدأ المساءلة واحترام القوانين والأنظمة والتعليمات، كما وأنها تعمل على زيادة الثقة وتعزيز ثقافة الحوار بين مختلف منتسبي الجامعة وقيادتها وطلبتها، وايجاد صيغ للتعاون والتفاعل والإندماج بالعمل وتحسين الأداء وتطويره.
يُعد البُعد السياسي أحد أبعاد الحاكميّة، وهو الذي يُميز ما بين حاكميّة الدولة وحاكمية الجامعة عندما يتعلق الأمر بالسياسة العامة على مستوى الدولة. وهناك البعد الإداري، الذي يتمركز حول قيادات الجامعة ومجالس الحاكمية فيها وآلية الانتقال من الإدارة السائدة إلى الحاكميّة. أما البعد الاقتصادي، فهو الذي يُحدد العلاقة ما بين الحاكميّة وحجم الاستثمار في الجامعة من جهة، والقضاء على أوجه الفساد من جهة ثانية وتحقيق التطوير المستمر والتنمية وتصحيح المسار من جهة ثالثة.
في حين يعالج البعد الاجتماعي مدى تبني الجامعة لمدونة سلوك محددة لكل من أعضاء هيئة التدريس والإداريين والطلبة فيها. إذ أن مضامين قيم الحاكمية ترتبط بشكل مباشر مع الأنماط السلوكية المتبناة والتي تحددها مبادئ الحاكميّة. أما البعد المالي فيظهر جلياً من خلال تطبيق الحاكمية والذي يعمل على تنظيم العلاقة وتحديدها بين الأطراف المؤثرة والمتأثرة بسياسات الجامعة وقراراتها ونتائجها المالية.
وبعامّة، فإن لتطبيق الحاكمية في الجامعة أهمية بارزة في عالمنا المعاصر وفي عصر الحكمة القادم، إذ أن تطبيقها يعمل على تعظيم قيمة الجامعة وقدرتها التنافسية وبخاصة في مجال مخرجاتها ووضعها الاقليمي والعالمي، وبذلك فهي تعمل على تحديد الاتجاه الاستراتيجي للجامعة عن طريق اتخاذ القرارات الاستراتيجية الصائبة للمحافظة على الموارد والمكاسب المادية والمعنوية للجامعة، وبذلك يخلق تطبيق الحاكميّة مناخاً جيداً للعمل الجماعي الذي يسعى لبلوغ غايات محددة، وهي موجهة للاستخدام الأمثل لموارد الجامعة وتعزيز المساءلة، كما وأن حُسن توزيع المهمات والخدمات وإدارتها، وتطبيقها، يخفف من أوجه الاختلاف في الجامعة ويزيد من حالات الاندماج والتفاعل بين أصحاب المصالح، وبذلك تكمن أهمية الحاكمية في أنها منظومة شاملة إذا ما استثمرت في الجامعات وفق منهج علمي منظم، فإن ذلك يكسبها القدرة على التكيف مع متغيرات البيئتين الداخلية والخارجية. وتقليل وجهات النظر المختلفة وزيادة الإندماج مع أصحاب المصالح بما يسهم في تحقيق الميزة التنافسية في جودة مخرجاتها المادية والمعنوية وفي سمعتها الأكاديمية والعلميّة المحلية والاقليمية والدولية، ومدى حصولها على الاعتماد العالمي.
إن الحاكمية تعتمد بالأساس على إقرار وتطبيق قيم وآليات الشفافية والمساءلة والمشاركة، وهي العملية التي يُعد الطلبة محورها، إذ أن مشاركة الطلبة لا يرتبط بتحسين جودة التعليم الجامعي، ولكن أيضاً بإعادة بناء وعي وثقافة الشباب السياسية وهو ما سوف ينعكس على مُجمل عملية التطوير المجتمعي.
yacoub@meuco.jo