جريدة الدستور بتاريخ 23 كانون الثاني 2012
تتشكّل الصورة الذهنيّة للشركات العائليّة بناءً على مدركات أصحابها لطبيعة شركاتهم ومجالات عملها، والمدى الذي يجعل هذه الصورة تؤثر في ردود أصحابها تجاه أعمالها ومنتجاتها وخدماتها، لذلك فالشركات العائليّة مطالبة بإدارة صورتها الذهنيّة لتتمكّن من خلق الصورة الذهنيّة المثاليّة التي من شأنها تحقيق ميزة في جودة مخرجاتها على منافسيها، وأن تجذب الزبائن والموظّفين الأكفاء، وتقوم الصورة الذهنيّة للشركات العائليّة بدور مهم ومحوري في تكوين الآراء واتخاذ القرارات وتشكيل سلوك الأفراد، وتؤثّر في تصرّفاتهم تجاه الجماعات والقطاعات المختلفة، فهي تعكس الواقع وتحمل المعلومات عنه إلى العقل الإنساني الذي لا يواجه الواقع مباشرة، بل يواجهه بشكل غير مباشر يعتمد على الوصف.
لذا، أدركت الشركات العائليّة وقياداتها الإدارية أهمية دراسة صورتها السائدة في أذهان الزبائن واتخاذ السياسات ورسم الخطط الكفيلة لتكوين هذه الصورة على النحو الذي تتمناه قياداتها، واستخدام ذلك في دعم أنشطتها، وإذا كانت صورتها مضطربة عملت بتركيز شديد على وضع الاستراتيجيات المختلفة لتحسينها وتأكيدها، وأصبح تكوين الصورة الإيجابية هدفاً أساسياً تسعى إلى تحقيقه جميع الشركات العائليّة من خلال الأداء الطيب الذي يتفق مع احتياجات الزبائن، علماً بأن الصورة الذهنية تتكون إما من خلال الخبرة المباشرة نتيجة احتكاك الفرد اليومي بتلك الشركات ومنتجاتها، أو غير مباشرة نتيجة ما يتعرض له الفرد من رسائل شخصيّة يسمعها من الآخرين أو عبر وسائل الإعلام المختلفة.
إنّ غياب الخطط الاستراتيجية والرؤى، والتسهيلات الماديّة وغير الماديّة، ووسائل الاتصال والتواصل في الشركات العائليّة وعدم وجود متخصصين في هذا المجال، قد يؤثر في صورة الشركة، كما أن الإعلانات والرعايات والاحتفالات الخاصة بها والأنشطة الدعائية والعلاقات العامّة والشخصيّة، تُعد من أفضل الوسائل الفعالة التي يستخدمها أصحاب تلك الشركات في بناء صورة وسمعة جيدة لشركاتهم. وقد صنفت الصورة الذهنية بثلاثة تصنيفات؛ الأولى منها هي الصورة الذهنية الذاتية التي تتمثل في إحساس الشركة العائليّة بنفسها، والثانية هي الصورة الذهنية التي ترغب الشركة العائليّة في إيصاله عنها إلى الجمهور، أما الثالثة فهي الصورة الذهنية المُدركة التي تتمثل في التصورات والأحاسيس والعلاقات التي تتولد لدى الجمهور عن الشركة.
والصورة الذهنية تتسم بعدّة سمات منها، عدم الدقة، إذ إنها مجرد انطباعات تُعد تبسيطاً للواقع، وهي مقاومة للتغيير، وتميل إلى الثبات، وتقوم على التقييم المبالغ فيه وتتجاهل الفروق الفردية، كما أنها تؤدي إلى تكوين إدراكات متحيزة لدى الأفراد، وتتسّم في التنبؤ بالسلوك والتصرفات المستقبلية للزبائن والجمهور تجاه المواقف والقضايا والأزمات المختلفة، وتتخطى حدود الزمان والمكان، فالفرد لا يقف في تكوينه للصورة الذهنية عند حدود معينة بل يتخطاها وفقاً لمعارفه ومدركاته ومشاهداته وقدرته على التخيل والاستنتاج.
وفي هذا السياق فإن الصورة الذهنية للشركات العائليّة لها ثلاثة مكونات؛ الأول منها معرفي يرتبط بالمعلومات التي يدركها الفرد وهي الأساس الذي تُبنى عليه الصورة الذهنية، والثاني الوجداني، وهو الميل ايجاباً أو سلباً تجاه موضوع ما أو قضية، أما الثالث والأخير فهو السلوكي، إذ يعكس سلوك الفرد طبيعة الصورة الذهنية المشكّلة لديه في مختلف جوانب الحياة.
yacoub@meuco.jo