جريدة الدستور بتاريخ 9 كانون الثاني 2012
حظي شغب طلبة الجامعات باهتمام بالغ، حيث تم إجراء العديد من الدراسات المهمة لاستقصاء أسبابه وطرق علاجه، ومع ذلك لم تُفعّل توصيات تلك الدراسات على المستوى التطبيقي وبقيت حبراً على ورق.
وهنا أستذكر ما ركّز عليه جلالة الملك عبد الله الثاني في اجتماعه مع رؤساء الجامعات والذي عُقد في الجامعة الأردنيّة من خلال استخدامه مصطلح «الخطوط الحمراء» لبيان خطورة الشغب الجامعي.
ولكن الشغب مازال مستمراً، حتى أنه بالأمس القريب انتقل إلى بعض ساحات امتحانات الثانوية العامة وقاعاتها وهذه الظاهرة الخطيرة اضطرت قوات الأمن للتدخل لضمان استمرارية الامتحانات على أكمل وجه وللمحافظة على سلامة الطلبة والمراقبين.
وعند التفكير بصوتٍ مرتفع وإجراء عصف ذهني مع الآخرين، لا نستطيع التوصل إلى أسباب مقنعة، ولكن قد نتّفق على أن السبب الرئيس هو عدم وجود ثقافة المواطنة والولاء والانتماء لدى من يقوم بذلك، إضافة إلى بعض المسببات التي كشفت عنها الدراسات العلمية في هذا المجال؛ منها النفسية والأسريّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والعوامل البيئيّة الجامعية التي تتصل بالتدريس والإدارة والطلبة، ومنها أيضا الإداريّة.
في حين يعزو بعضهم الآخر هذه المسببات إلى تدنّي التحصيل الأكاديمي للطلبة، ووجود فراغ كبير لدى الطلبة بخاصة في الكليات الإنسانيّة، وضعف التفاعل بين الطلبة أنفسهم وبين مُدرّسيهم، والتأثّر بالمشاكل الخارجيّة، وانتشار ظاهرة التلقين في المحاضرات، والتمييز والتحيّز الأكاديمي والإداري من قِبل بعض المدرّسين، وتدخّل وجهاء المجتمع المحلي والمسؤولين للتخفيف من العقوبات التي تُصدرها الجامعة بحق المشاركين في الشغب الجامعي، وبذلك تتعدّد الأسباب والمسبّبات.
أما ما حدث في بعض ساحات امتحانات الثانوية العامة وقاعاتها فقد تعود إلى بعض المسببات السابقة، إضافة إلى محاولة الغش في الامتحانات والشعور النفسي لدى بعض الطلبة بالنقص والفشل والإحباط، مما يدفعهم لإثبات وجودهم من خلال الخروج عن المألوف، وإفساد النظام والحصول على العلامات دون أدنى تعب أو نشاط. ومن وجهة نظري فإنّ السبب الرئيس هو ضعف ثقافة المواطنة والانتماء للوطن وللجامعة وللمدرسة والاستهتار بالقوانين والأنظمة المدرسيّة، إضافة إلى النقص الواضح في تشكيل شخصية الطالب الذي لا يعرف حقوقه وواجباته نحو وطنه ومسؤولياته نحو الآخرين.
وتأسيساً على ما سبق لابد من إعادة النظر بمادة التربية الوطنية على مستوى الجامعة والمدرسة وإحلال مادة المواطنة أو التربية من أجل المواطنة محلها، إضافة إلى تفعيل أنظمة تأديب الطلبة في الجامعات والمدارس، وتفعيل مراكز الإرشاد النفسي المدرسيّة والجامعية، وإشغال أوقات فراغ الطلبة بما ينعكس إيجابياً على سلوكياتهم ومنها الخدمة المجتمعيّة، واستخدام استراتيجيات التدريس القائمة على تفعيل العقل وحل المشكلات وإكسابهم مهارات التفكير العلمي هذا من جانب، ومن جانب آخر على الدولة تطبيق القوانين والأنظمة بجديّة على المخالفين حتى تعود إلى الدولة والجامعة والمدرسة هيبتها، وللحديث بقيّة.
yacoub@meuco.jo