الرأي الثلاثاء 29/03/2016
كلمة الحذر تعني اليقظة والحيطة من الخطر ، ولها معنى آخر في معجم المعاني «ثقل في العين من أذى أصابها» وفي المحصلة يتعلق الأمر بالطريقة التي نرى أو نقرأ بها الأحداث والتطورات حتى ندرك الخطر وحجمه، ونعرف مما نحذر ، وكيف نحذر.
ها هي الأحداث من حولنا تذهب في سياقات مختلفة، فخلال فترة قصيرة جدا رأينا كيف تتغير وتتبدل العلاقات والتحالفات والمواقف الإقليمية والدولية ، حتى تبين لنا أن جميع الأطراف المتصارعة في كل مناطق الصراع مرتبطة بأبعاد خارجية تقرر مصيرها الوطني ، وأكبر مثلين على ذلك العراق وسوريا ، والشيء الوحيد المتفق عليه هو إنهاء الظاهرة المتعددة الجنسيات « داعش » ولا بأس من تصفية بقية القوى المسلحة على اختلاف عناوينها ومسمياتها، فقد انتهى دورها.
الآن تدخل المنطقة مرحلة صياغة جديدة مبنية على الحطام الذي خلفته الصراعات،ولم أشلاء الشعوب التي قتلت وهجرت ، وتلك قصة سيطول شرحها ، بدأت من انهيار أنظمة ودول ، لتنتهي بعذابات ومآس تجعل الصياغة أشبه بإعادة تأهيل رجل سقط في واد سحيق ، تكسرت كل أضلاعه ولكنه بقي على قيد الحياة.
سبق أن قلت في مقال سابق ما معناه ، نحن في الأردن لسنا جزءا من تلك الصياغة البائسة ، ونحن ندرك أن المحاولات اليائسة لبقايا الإرهاب متوقعة في كل مكان، وقد أخذنا حذرنا منها وهي في أوج انتصاراتها على حدودنا مع سوريا والعراق ، ومن الطبيعي أن نزيد من درجة التأهب والحذر لمواجهة كل الاحتمالات.
ولهذا الحذر جانب أمني نحن مطمئنون له بإذن الله وإرادته ، وله جانب معنوي لا يقل أهمية عن الإجراءات الأمنية ، وهو التوقف عن النقد والتشويه الذي نمارسه ضد أنفسنا والشائعات والأخبار المدسوسة التي نلاحظ تعاظمها هذه الأيام بهدف التشكيك في موقف الأردن من تلك التطورات ، والتقليل من قيمة الدور الذي يقوم به لحل الأزمات بما يحقق الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة، ويصون الأمن القومي والدولي ويربط الجوامع المشتركة وفق نظرية الأمن والتعاون ، ولا أدل على ذلك من تحول الأردن وجهة لقادة دول العالم لتبادل الرأي مع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، الذي وضع الأردن فوق المعادلة ، ليكون شريكا فاعلا في حل الأزمات ، وليس تابعا أو مأزوما لا سمح الله.
أقول من جديد كفى جلدا للذات بحجة النقد الموضوعي ، وقد آن الأوان للقلة القليلة التي لا تدرك خطورة تصرفاتها الفردية وهي في السلطة لكي تتوقف عن إعطاء الدليل لدى الأغلبية على الترهل والتسيب والفساد، وفي ظني أن تلك الأقلية هي التي زرعت في النفوس هذا القدر الهائل من الريبة والشك وخيبة الأمل لدى الناس ، وأظن أن ذلك ما يجب أن نحذر منه حتى لا نجد أنفسنا أمام مقولة « من مأمنه يؤتى الحذر».
yacoub@meuco.jo