مجلة الشرطة (مديرية الامن العام)
09/2019
الولادة من جديد !
بعض الأمهات يهددن أطفالهن بالشرطي كي يمتثلوا للأوامر ، إذا لم تتوقفوا عن الإزعاج سأنادي لك الشرطي ، إذا لم تذهب إلى فراشك سأتصل بالشرطة وهكذا ، والرأي السائد هنا هو أن هذا التهديد قد يرسخ صورة الرعب من الشرطي ، وليس صورة الحافظ للأمن والنظام، ويخلق عداوة أو نفورا من الشرطي، بعد أن ترتبط بذهنه تلك الصورة المرعبة ، وهناك اعتقاد آخر يتعلق بالصورة المقابلة عند الأم التي تستعيد فكرة الشرطي من حيث هو نموذج للنظام الذي يساعدها على امتثال طفلها للتعليمات داخل البيت ، مع التهديد بالعقاب إذا تمرد الطفل عليها.
في واقعة فريدة من نوعها قبل أسابيع قام أحد أفراد دورية الشرطة في إربد بمساعدة سيدة على ولادة مولودها الجديد داخل سيارة كانت تقلها إلى المستشفى ، ولما كانت السيدة في المخاض الأخير تعاني الألم الشديد ، والمولود على وشك الخروج إلى الحياة ، كان لا بد من التصرف بسرعة فائقة ، ولما كان الشرطي غير مؤهل لمثل تلك المهمة تواصل على الهاتف مع طاقم الدفاع المدني الذي أرشده لبعض الخطوات وهو في طريقه إلى الموقع المحدد في شارع البتراء ، وتمت الولادة بخير وسلام !
هذا المولود الجديد سيعرف لاحقا أن ولادته تمت على يد شرطي ، فهل يوجد أي احتمال بأن أمه ستهدده بالشرطي إذا خالف أوامرها أو أزعجها ؟ لا أظن ، ولكن تلك الحادثة الطريفة تدفعنا إلى التفكير بولادة جديدة للصورة الذهنية عن الشرطي ، وعن جهاز الأمن العام كله عند الصغار والكبار على حد سواء .
هؤلاء النشامى وُلدوا من أرحام الأمهات النشميات في هذا البلد الطيب المبارك ، وتربوا في أحضان أمهات يباركن أبنائهن بالدعاء والتسبيح والعطف والحنان ، ليكونوا أبناء وبنات وطن هو بيتنا الكبير كلنا ، ونحن نعلم جميعا أن أجهزتنا الأمنية وجيشنا يحمون البيت من داخله ومن خارجه ، وقوانين البلاد وأمنها واستقرارها وسلمها الاجتماعي هو الحد الفاصل بين الخير والشر ، وبين النظام والفوضى ، وبين سلطة القانون والخارجين عليها ، فكيف لا ننحاز بعقولنا وقلوبنا وعواطفنا مع أولئك الذين يحرسون حياتنا من الشر والأشرار ؟
لقد حققت مديرية الأمن العام من خلال العديد من المبادرات الذكية تقدما كبيرا في إعادة صياغة العلاقة بين الشرطة والمجتمع ، ولكن لا شيء يمنع من التفكير بولادة جديدة !