موقع سرايا الاخباري 2019/10/01
أسيرون للقلق !
لا تحتاج مقولة سهلة مثل ” ما يقلقك يسيطر عليك ” لأن تنسب إلى مفكر في مستوى المفكر والطبيب والسياسي البريطاني جون لوك الذي ساهمت أفكاره في القرن السابع عشر في تطوير الفلسفة السياسية والمعرفة والتعليم ، فالمقولة أو الحكمة أبسط من أن تنسب إليه ، إلا إذا كان القصد من وراء ذلك التذكير بطبيعة النفس البشرية المعقدة .
ها هي مساحة القلق تتضاعف في نفوسنا كلما أدركنا أننا لا نحسن إدارة الأزمات الارتدادية للأزمة الاقتصادية المركزية التي نتعرض لها منذ عام 2011 ، تلك التي تكشف لنا اليوم الخلل الهيكلي في الاقتصاد الوطني ، وفي مؤسسات القطاعين العام والخاص ، وفي إدارة الشؤون العامة أيضا ، فكيف هو الحال بالنسبة لمسلسل الأزمات المتفرعة عنها ، فالعجز هو العجز عن التفكير والتخطيط والإدارة الإستراتيجية ، وإدارة الأزمات ، إنها أزمة عقلية سيطر عليها القلق ، بدل أن تسيطر العقلية والعقلانية على الأزمة ، تحليلا وفهما وحلولا جذرية تعيد هندسة السياسات والقطاعات والمؤسسات ، وتقلب المعادلة رأسا على عقب !
هذه أزمة بلا حل سوى إعادة التأسيس وفق مفاهيم وآليات جديدة ، تأخذ في الاعتبار الأولويات الوطنية ، والظروف الإقليمية والدولية ، من واقع إقليم ملتهب ، ونظام اقتصادي ومالي عالمي آيل للسقوط ، أقصد مفاهيم مشتركة على مستوى الدولة ومواطنيها ، فيها من الصراحة والوضوح ما يكفي لكي يعلم الجميع أنه لم يعد ممكنا إيجاد الحلول دون تخطيط سليم ، وتغيير منطقي في أساليب الحياة وتقاليدها على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع ، وإنشاء حالة جديدة من الثقة المتبادلة التي يعتبر غيابها من أخطر العوامل التي تعمق الأزمة ، وتسد آفاق انفراجها في الأمد القريب أو البعيد !
إدارة الأزمات علم قائم الذات ، وتجارب ودروس مستفادة تتعلمها الدول من بعضها البعض ولولا أنني أعرف أن الناس قد ملوا الأمثلة العديدة لدول خرجت من أزمات أكبر بكثير من أزمتنا لسردت أمثلة ماثلة نعرفها جميعا ، ولكن السؤال الموضوعي ما يزال قائما هل نحن أقل قدرة من غيرنا على استخدام عقولنا وخبراتنا وقدراتنا البشرية وعناصر قوتنا الإستراتيجية لكي نقوم بعملية متكاملة من إعادة البناء على أسس جديدة ، ونضع بذلك حدا لكلام لا يسمن ولا يغني من جوع ، وحدا لوقت يضيع سدى ؟!