الغد الاثنين 2019/11/04
قرارات ودلالات !
قراران هامان اتخذتهما الحكومة ضمن حزمة الإجراءات التي أعلنتها لتنشيط الاقتصاد وتحفيز الاستثمار ، الأول عدم الحجز من قبل دائرة الجمارك ، ودائرة ضريبة الدخل ، ومؤسسة الضمان الاجتماعي على الشركاء أو المفوضين بالتوقيع في شركات المسؤولية المحدودة ، أو المساهمة الخاصة ، أو المساهمة العامة المحدودة بسبب أية ديون على الشركات نفسها ، والثاني ربط قيمة الحجز التحفظي الصادر عن تلك الدوائر بقيمة المطالبة المستحقة .
لقد أدت تلك الإجراءات في الماضي ليس إلى تعطيل الاستثمار وحسب بل إلى قتله بالنسبة للشركات القائمة أو المستثمرين الجدد ، والأدهى والأمر من ذلك أنها إجراءات مخالفة لقانون الشركات ، والدلالة هنا تكمن في أننا كنا وما زلنا ننبه إليه من تعارض وتناقض القوانين والأنظمة مع بعضها ، الأمر الذي يدفعنا إلى الدعوة من جديد إلى مراجعة تلك القوانين لتصبح حزمة واحدة منسقة ومنسجمة وواضحة وفاعلة غير معطلة لحيوية الاقتصاد الوطني وتطوره ونمائه!
خطوة في الاتجاه الصحيح ، رغم أنها متواضعة أمام ما يجب اتخاذه من إجراءات أكثر قوة وجرأة وعمقا ، للخروج من الدائرة المغلقة التي خنقت القدرات الهائلة ، والميزات التنافسية ، والمشروعات ذات القيمة المضافة بدل أن تفتح لها الأبواب على مصراعيها ، تجاه النهضة الشاملة والتنمية المستدامة ، لقد حان الوقت لاستبعاد الاجتهادات الشخصية ، وتعميم الأخطاء الصغيرة على قطاعات بأكملها ، ولا مفر الآن من إستراتيجية شاملة وفق رسالة ورؤية وغايات وأهداف واضحة وممكنة تعطي الأولوية للقطاعات ذات الميزة التنافسية والقيمة المضافة العالية وذلك ما أغفلته حزمة الإجراءات للأسف .
ما أغفل في متناول اليد ، كلفته قليلة ، مردوده كثير ، ونتائجه سريعة ، ويتركز في قطاعات التعليم ، والصحة ، والسياحة ، والزراعة ، وهي قطاعات ذات قيمة مضافة عالية ، لأن نسبة عالية من مقوماتها محلية وطنية ، والدلالات هنا تشير إلى خلل في تحديد الأهداف القريبة والأهداف البعيدة وإصابتها بدقة !
مجرد نظرة عميقة إلى الأبعاد الاقتصادية للتعليم العالي من حيث مكوناته المحلية ودائرته التشغيلية الواسعة ، فهو قادر على استقطاب المزيد من الطلبة العرب والأجانب ، جالبا للعملة الصعبة ، ومانعا لخروجها عندما يغني الطلبة الأردنيين عن الدراسة خارج بلدهم ، والصورة تنطبق كذلك على قطاع الخدمات الصحية والعلاجية ، عندما يكون جاذبا للمرضى من البلاد العربية ، وقد كان كذلك لولا ما لا أرغب بالتطرق إليها من أسباب جعلته يتراجع إلى الخلف ، ومن الممكن الآن معالجة تلك الأسباب بالرقابة والحزم والأمانة والصدق .
كذلك السياحة بحاجة إلى تحفيز يجذب السواح الأجانب ، ويشجع الأردنيين على السياحة في بلدهم بما يغنيهم عن السياحة في الخارج ، بسبب إغراءات العروض السياحية الرخيصة ، أما الزراعة ، والإنتاج الزراعي فهو بحاجة لحماية مشروعة ، تزيد من قدراته التصديرية والتحويلية ، وتجعل من معظم منتجاته الغذائية بديلا عن استيرادها من كل حدب وصوب ، والأهم من ذلك تغيير نوعية القوى البشرية العاملة في هذا القطاع من خلال وسائل التكنولوجيا الحديثة التي يستطيعها شبابنا الأردنيون ، ولا تستطيعها العمالة الوافدة بأساليبها التقليدية !
أقترح على الحكومة أن تصدر ملحقا عاجلا لحزمة الإجراءات تصيب به الهدف القريب الممكن ، والأجدر تركيزا ، والأكثر تأثيرا في تفعيل قطاعات حيوية آن لها أن تتحرر من أفكار عفى عليها الزمن .