الغد الإثنين 2020/02/03
السؤال الكبير !
لماذا الأردن يحمل على عاتقه القضية الفلسطينية دون غيره من البلاد العربية ، سؤال كبير وجهه إلي أحد أبنائنا من شباب كلنا الأردن عقب المحاضرة التي ألقيتها في الجلسة الحوارية التي عقدتها الهيئة في مأدبا ضمن محور التوعية والتثقيف ، عن مضامين خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين أمام البرلمان الأوروبي ، وكانت تلك الفعالية في صباح ذالك اليوم الذي كان العالم يترقب ماذا سيعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء عن صفقة القرن .
ولم يكن السؤال استنكاريا على الإطلاق ، بل كان منسجما مع منطق التوعية والتثقيف ، ومع بقية مداخلات وأسئلة الشباب التي بعثت في نفسي الأمل بأن شريحة واسعة من شباب وشابات بلدنا يتحلون بروح وطنية عالية ، وأن الصورة النمطية لجيل يأسره عالم التواصل الاجتماعي غير صحيحة بالمطلق ، إنهم شباب مؤمنون معتزون بقيادتهم ، فخورون بإنجازات بلدهم وبصموده في وجه التحديات ، غير متأثرين بالإشاعات والحملات المغرضة ، واثقون بأن المستقبل أمامهم ، رغم الظروف الصعبة التي يمر بها بلدهم في المرحلة الراهنة .
أجبت على ذلك السؤال من زاوية الحقائق التاريخية والوحدوية والاجتماعية ، والدماء الطاهرة التي امتزجت على أرض فلسطين ، وعلى أسوار القدس الشريف ، دماء الجيش العربي المصطفوي والمجاهدين الفلسطينيين التي نبتت منها بذرة الشجرة التي ستظل فروعها أردنية فلسطينية حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
إنها الشجرة إذن ، ولعلها شجرة الزيتون ، مباركة مثمرة ، جذورها عميقة في التراب والصخر، وساقها صلب وعطائها وفير ، وليس ما أقوله من صنف الشعر ولا الخيال ، إنه المثل الحقيقي الذي يمكن أن نعيد به صياغة موقفنا في هذه اللحظة التاريخية الحرجة من تاريخ الأردن وفلسطين ، وتاريخ الأمة العربية ، وكل ما تتعرض له من كوارث وانتهاكات لكرامتها وأمنها واستقرارها ، وطموحات أجيالها !
ما زلت أحتفظ بذلك السؤال الكبير في وجداني ، وأنا أعرف أن الإجابة عليه مفتوحة أمام الممارسة العملية على أرض الواقع ، فصفقة القرن تضع الأردن وفلسطين على مسافة واحدة من التحدي ، ومن المسؤولية المشتركة في التعامل مع الاحتمالات القريبة والبعيدة ، وفي اعتقادي أن ما قاله جلالة الملك أمام البرلمان الأوروبي بشأن القدس وحل الدولتين ، كان في حد ذاته ردا واضحا على الصفقة قبل إعلانها .