جريدة الغد، الاثنين 2022/07/18
في حديثه مع قناة “بي بي سي” عربي يوم الأربعاء الماضي أوضح الدكتور بشر الخصاونة رئيس الوزراء المرتكزات الثلاثة الأساسية التي يقوم عليها المشروع الشامل لتحديث الدولة السياسية والاقتصادية والإدارية، وشرح الإطار الزمني للمشاركة الحزبية في العملية الانتخابية على امتداد ثلاث دورات نيابية، الزيادة التدريجية في عدد المقاعد التي يمكن أن تحصل عليها الأحزاب خلال عقد من الزمن، وصولا إلى تشكيل حكومات برلمانية.
في كل المناسبات يجري الحديث عن عزوف الناس عن الانخراط في العملية السياسية والانتماء للأحزاب وتلك نقطة أشار إليها رئيس الوزراء من زاوية القيود الأمنية التي لا وجود لها بعد الآن، ذلك أن الإرادة السياسية العليا، والقانون الجديد للأحزاب يشكلان الضمانة الأكيدة لحرية العمل السياسي، الذي يكتسي الصبغة الوطنية، بعيداً عن الأيدولوجيات الخارجية التي تراجعت بطبيعتها كنتيجة للتجارب المريرة والتغيرات التي شهدها العالم والمنطقة على مدى نصف قرن من الزمان.
من خلال الحيوية التي نخوضها منذ بضعة أشهر لتشكيل الأحزاب الجديدة، لم نلمس أن فكرة القيود الأمنية عامل أساسي، ولا حتى فرعي لدى السواد الأعظم ممن ندعوهم للمشاركة في الأحزاب كأعضاء مؤسسين في هذه المرحلة، وغالباً ما يكون سبب التردد متعلقاً بعدم جدوى الأحزاب “ولا أقول عدم الثقة في قدرتها على احداث تغيير جوهري في العملية السياسية، وذلك موقف قابل للنقاش الموضوعي من ناحية، كما أنه نابع من حالة الإحباط التي تسود الأجواء المحلية والإقليمية والدولية، نتيجة الصراعات والحروب الدائرة بأشكالها المختلفة من ناحية أخرى!
في زمن أصبح فيه الحديث عن السلاح النووي ضمن احتمالات التصعيد بين روسيا وحلف الناتو، وعن أزمات الغذاء والنفط والغاز وعودة سلالات جديدة من وباء الكورونا، وجدري القرود، وغيرها من الكوارث فإن الحديث عن تشكيل الأحزاب سيبدو للوهلة الأولى كما لو أنه نوع من رفاهية في غير موعدها، وهنا يبرز التحدي الكبير في تحويل الشعور الفردي اتجاه تلك المخاوف الى شعور جماعي يحول الخوف الى حالة من الاستنفار الجماعي، والى التحالف والتضامن والتكافل الوطني لتعزيز قوة الدولة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية على حد سواء.
إن الركيزة الرابعة التي تثبت الركائز الثلاثة السياسية والاقتصادية والإدارية، وتجعلها ممكنة على أرض الواقع تكمن في تحويل الإصلاح الشامل من مشروع نخبوي الى مشروع وطني يرى فيه الناس السبيل الأقوم لضمان حاضر ومستقبل الأردن، وذلك عن طريق المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، حيث تعتبر الأحزاب في الممارسة الديمقراطية – الحاضنة الفاعلة لتلك المشاركة، عندما يكون الدافع الحقيقي هو خدمة الدولة ومصالحها العليا.