جريدة الغد، الاثنين 2022/10/03
ليس لدينا محددات لمفهوم الحديث في الشؤون السياسية ، ما دامت العملية السياسية المرتبطة بالأحزاب البرامجية ، والانتخابات النيابية ما زالت في طور الاستعداد لمرحلة قادمة ، لكن المجتمع السياسي يعتبر الحديث عن تعديل أو تغيير حكومي حديثا في السياسة ، وكذلك الحال بالنسبة لأحاديث ما بعد فض الدورة الاستثنائية لمجلس الأمة ، وإرجاء الدورة العادية حتى الثالث عشر من شهر نوفمبر تشرين ثاني ، التي تبنى عليها كثير من التوقعات ” السياسية ” إن جاز التعبير !
في نهاية المطاف يدور الحديث عن أسماء مرشحة للتعديل أو التغيير ، من دون أي استناد لمعلومات حقيقية أو مؤشر سياسي يبرر التكهنات حول الأشخاص لأنهم في الغالب الأعم لا يمثلون تيارا سياسيا أو توجها ذا مغزى وطني ، ويظل الجميع في دوامة التوقعات فترة من الوقت قد تنتهي من دون حدوث أي شيء !
ذلك الحديث الذي اعتدنا عليه كأحد إفرازات ما يعرف بالصالونات السياسية ، وبعض مواقع التواصل الاجتماعي ، يظل كلاما غير ناشئ عن بيئة سياسية تعبر عن تيارات محددة ضمن عملية التنافس البرامجي بين الأحزاب السياسية ، بما تمثله من اتجاهات ” يمين ، وسط ، يسار ” أو بما تكتسبه من مشروعية قانونية وفكرية وثقافية ترسخت وتعمقت مع الوقت ، حتى تقترن أسماء الأشخاص المتداولة ضمن التوقعات بنوع التوجه الوطني الذي يمثلونه أو يرمزون إليه ويرمز إليهم .
صحيح أن بعض التوقعات تشير إلى رمزية ما ترتبط بالخدمة الحكومية أو الاجتماعية وذلك أمر طبيعي ألفناه منذ تعطل العملية الحزبية أو الفراغ الحزبي ، ولكننا اليوم أمام مرحلة جديدة نستعد لها من خلال تشكيل الأحزاب البرامجية الجديدة لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة عندما يحين وقتها ، ولو ضمن النسبة المقررة مرحليا ، الأمر الذي يؤكد القيمة الحقيقة لما نحن مقبلون عليه من تطور في الحياة السياسية ، وإن كان الأمر يحتاج إلى مجهود وطني كبير كي تقتنع الأغلبية المجتمعية بهذا التوجه الذي سيقودنا في حال نجاحه حتما إلى تشكيل حكومات برلمانية في غضون عقد من الزمن.
النشاط الحزبي الذي نتابعه على ساحتنا الوطنية ما زال يخطو خطوات صغيرة على طريق طويل ، ذلك أن الواقع الاقتصادي الراهن ، والأزمات الإقليمية والعالمية المحيطة بنا تحتل الصدارة من الاهتمام اليومي بالتطورات المتسارعة ، التي تبلغ حد الخوف من المستقبل من حين لآخر ، وقد يغيب عنا أن التحدي الأكثر أهمية يكمن في كيفية تعزيز مكانة الدولة في مواجهة تلك المخاطر والتحديات ، وقد يرى البعض العملية السياسية التي نراهن عليها نوعا من الترف السياسي في غير وقته!
الحديث في السياسية يعني الحديث عن حاضر الدولة ومستقبلها من خلال إدارتها لشؤونها الخاصة بها من إصلاح وتغيير وتحديث على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية والفكرية والثقافية وغيرها ، ويعني كذلك قوة الدولة وثباتها في التغلب على التحديات الداخلية والخارجية على حد سواء .