جريدة الغد، الاثنين 2023/02/20
مضى من الوقت ما يكفي لكي نخرج من محددات النظرة نحو التجربة الحزبية الأردنية ، ومن النظريات التي ما تزال تحكم ساحتنا السياسية حول عملية إعادة التشكيل الحزبي التي تمت قوننتها بموجب قانون جديد يشكل مع قانون الانتخاب جناحي التحول السياسي ، والاستحقاق الدستوري عندما يحين موعد الانتخابات البرلمانية القادمة .
ذلك موعد سيضعنا أمام تحديات غير مسبوقه ، عندما ستبدأ مرحلة ترجمة مضامين التحديث السياسي على أرض الواقع ، عبر خطة تمتد لثلاث دورات انتخابية متتالية بهدف تشكيل برلمان قائم على التعددية الحزبية البرامجية ، وذلك بالتزامن والتوازي مع عمليات الإصلاح الاقتصادي والإداري .
النقطة المركزية تتمثل في ( الناخب ) الذي حدد القانون سنه بثمانية عشر عاما فما فوق أي النسبة الأعلى ممن يحق لهم حق الانتخاب هم من جيل الشباب ، وهناك انطباع عام بأن تلك الفئة العمرية غير مهتمة بالعملية السياسية ، وغير مدربة على الاختيار ، وليست على دراية بآلية الانتخاب الجديدة ، ومن هذه الزاوية يمكن النظر إلى الأحزاب على أنها الحاضنة الأنسب لاستيعاب الشباب لكي يكونوا أكثر قربا من العملية السياسية ، وأكثر حضورا في العملية الانتخابية !
الفوارق في فهم هذه الإشكالية تقود إلى أحد أمرين : إما تحدي الأحزاب بأنها غير قادرة على استيعاب الشباب الذين تشغلهم حياتهم الشخصية ، وانغلاق سبل العمل أمامهم عن الحياة السياسية ، وإما الاعتماد عليها كي تقوم بهذه المهمة الوطنية ، وتبذل أقصى ما تستطيع من أجل إقناعهم بالمساحة التي يمكنهم التعبير فيها ، ومن خلالها عن طموحاتهم ، والمشاركة في صنع القرار ات المتصلة بحاضرهم ومستقبلهم ، وأقل الواجب هنا أن يلتقي الجميع على هدف كبير من هذا النوع بدل أن يتخذ واقع الشباب ذريعة لتبرير الأفكار المسبقة عن الأحزاب والحكم عليها قبل أن تبدأ مسيرتها الجديدة والطويلة !
الخلافات والاختلافات حول الأحزاب وفيها أمر طبيعي ، بل إن تلك الجدلية هي أساس فكرة الأحزاب التي تولد أصلا من رحم الانقسامات الموجودة في أي مجتمع ومنها الانقسام بين الطبقات الاجتماعية ، وتعارض الأيديولوجيات والتيارات على اختلاف مشاربها ، لتعيد الأحزاب صياغة العلاقة بينها من خلال برامج تحاكي جميع القضايا التي تهم المجتمع ، بعد أن توحد منظومة الوعي والفهم المشترك بين الأعضاء من خلال هيكلية تنظيمية .
إشكالية الفهم تكمن في أن تحليل وضعنا الراهن بأبعاده السياسة والاقتصادية والاجتماعية ، وما يحيط بنا من أزمات ، وما يسود العالم من اضطراب يفترض أن يقودنا نحو حيوية وطنية فاعلة ، وذات تأثير ايجابي على عوامل الصمود ، وعناصر القوة التي نحتاجها للتغلب على كل تلك المخاطر والتحديات ، وليس إلى اليأس والقنوط ، وانغلاق النظرة نحو المستقبل ، وحق الأردنيين في الحياة الكريمة الآمنة !