جريدة الغد، الاثنين 2023/04/10
غالبا ما أقرأ التعليقات على مقالاتي ومقالات غيري ممن يكتبون عن الحياة الحزبية وغيرها في الشؤون العامة، وذلك أمر ضروري لمعرفة الآراء والاتجاهات التي يتم التعبير عنها في هذه المرحلة التي تسعى الأحزاب فيها إلى كسب المزيد من المنخرطين في العمل الحزبي، وتهيئة بيئة سياسية سليمة، تحاكي استحقاقات المرحلة القادمة التي تذهب الأحزاب من خلالها إلى المجلس النيابي العشرين ليجلس ممثلوها على واحد وأربعين مقعدا، وصولا إلى مرحلة تشكيل حكومات برلمانية من أغلبية حزبية، منفردة أو ضمن ائتلاف حزبي.
بعض التعليقات تبدأ أو تنتهي بشكر الكاتب على سعة صدره لما يتوجب عليه من قبول لموقف مشكك في جدوى العمل الحزبي، ورافض لعملية التحديث السياسي من جذورها، يذهب إلى أبعد مدى من التشاؤم واليأس، مستشهدا بالوضع الاقتصادي السائد، وبسوء الأحوال الإقليمية والدولية، وغير ذلك كثير من الشخصنة تارة، والاستهزاء تارة أخرى!
الإشارة هنا إلى سعة الصدر غاية في الأهمية، إنها فضيلة نحتاج إليها أكثر من أي وقت مضى، وقد أثارت تلك التعليقات في نفسي بعدا آخر في مسألة العلاقة بين الأحزاب والنخب السياسية والفكرية والثقافية، بل بينها وبين المواطنين في نطاق حوار وطني متواصل يحقق غاية الانفتاح التام، ويرسخ مبدأ التشاركية والتفاعلية التي تستطيع من خلالها عرض برامجها، وكسب مؤيديها عندما تقدم برامجها وتحصل على ثقة الناخبين بها.
الحوار بطبيعته يحتاج إلى منطقة وسطى تلتقي عندها الآراء ووجهات النظر والمواقف أيضا، ومن واجب الأحزاب أن تنفتح على الجميع، وتتحمل الرأي الآخر، تجابهه بالحقائق أو تقبله، ولعل الأحزاب أمام اختبار كبير هذه المرة لمدى وعيها لأهمية الاشتباك الايجابي مع الناس، وعدم التقوقع في كيانها الحزبي أو السياسي النخبوي، فهي مسؤولة عن إنجاح هذه المرحلة السياسية بصورة مباشرة بحيث تساهم في ايجاد خطاب سياسي جديد قادر على التعبير بأمانة عن طموحات الأردنيين والأردنيات، ومستقبل ابنائهم.
إن تشكيل الأحزاب وفق القانون الجديد ليس غاية في حد ذاته، وإنما هو وسيلة ديمقراطية لمشاركة الشعب في اتخاذ القرار، وإقامة منظومة سياسية متحدة مع المنظومات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والفكرية والثقافية، تعزز بنية الدولة وتنمي قدرتها على الصمود في وجه التحديات، والتصدي للمخاطر بكل أشكالها ومصادرها وتبعاتها، فالحوار حول كل تلك القضايا يتطلب سعة الصدر، ورزانة العقل، وصحوة الضمير!