جريدة الغد، الاثنين، 2023/05/01
يدمي قلوبنا ما يجري في السودان من نزاع مسلح، بقدر ما يدمي قلوب الشعب السوداني الشقيق، الذي يعيش مرحلة صعبة ومؤلمة، نسأل الله أن ينجيه من شرورها، ومن عواقبها، وأن يعيد إليه الأمن والأمان والاستقرار.
لقد بلغ النزاع حدا أقلق جميع الدول على رعاياها فبادر بعضها إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لنقلهم على عجل حفاظا على أرواحهم، في ظروف بالغة الخطورة والتعقيد وكان الأردن في مقدمة تلك الدول التي هبت لنجدة الرعايا الأردنيين بتنسيق فائق مع سفارتنا هناك، وبأداء متقن من سلاح الجو الملكي الذي سير طائراته ذهابا وايابا إلى أن أنهى المهمة بنجاح منقطع النظير.
في التفاصيل سنرى ما هو أبعد مدى من عملية الإجلاء في حد ذاتها، فقد حملت طائرات سلاح الجو على متنها رعايا من ستة وعشرين بلدا، وموظفين دوليين عاملين في الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، ولنا أن نتصور حجم الاتصالات والترتيبات التي جرت بين وزارة الخارجية وشؤون المغتربين وحكومات وسفارات تلك الدول من أجل إجلاء أفراد يقيمون في الخرطوم وأنحاء مختلفة من السودان، ليصلوا إلى عمان، والعودة منها إلى مصر وفلسطين وسوريا ولبنان واليمن وتونس والولايات المتحدة الامريكية وكندا وبريطانيا والمانيا وهولندا والنرويج وايطاليا وايرلندا والبرتغال والسويد وفنلندا وسويسرا وروسيا والمكسيك وكزاخستان وباكستان واثيوبيا وارتريا ، وحيث توجد مقرات موظفي المنظمات الدولية!
لا أعرف ما إذا قامت دول أخرى غير الاردن بنقل رعايا من دول أخرى أم لا ولكن ما أعرفه هو أن الاحترام الذي يحظى به الاردن على المستوى الدولي والثقة التي يتمتع بها ناجم عن الاعتراف بدوره القيمي، وموقفه النبيل من القضايا الإنسانية رغم قدراته المحدودة، فهو في طليعة قوات حفظ السلام في مناطق النزاع المختلفة، وهو أول من يبادر بالإغاثة في حالات الكوارث الطبيعية وغيرها من المآسي، ولا يتردد لحظة بإظهار استعداده للنجدة عندما تتعرض الإنسانية للظلم والشقاء والبلاء.
لقد عبرت الدول عن شكرها وتقديرها للاردن على ما قدمه من مساعدة لرعاياها ويمكن للاردن الهاشمي أن يقول لها لا شكر على واجب لأن ذلك من صميم دوره الإنساني ومبادئه وقيمه ومثله العليا، ولكن من الواجب علينا أن نقول لكل أولئك الذين قاموا بتلك الجهود الجبارة، لقد رفعتم اسم بلدكم عاليا، وإن أداءكم الرائع يستحق كل الشكر والثناء.