جريدة الغد، الاثنين 2023/09/05
أؤيد تماما ما أجمع عليه سياسيون وأكاديميون في تقرير لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) بأن تطوير الحياة الحزبية الأردنية يحتاج إلى مجهود شبابي يتمثل في مشاركتهم الفعلية وانخراطهم بالأحزاب السياسية، باعتبارهم الفئة الأقدر على إحداث التغيير المنشود، وأنوه كذلك بما ذهبوا إليه من مقترحات عملية للتحقيق تلك الغاية التي تشكل أساس عملية التغيير في المجالات كافة.
هذه ضرورة لا بد منها، ولكنها في الوقت نفسه عملية تنمو في حضن بيئة سياسية سلمية بدأها الأردن منذ عام فقط، وحين نأخذ في الاعتبار مجموعة العناصر التي تتشكل منها حيوية الشباب داخل الأحزاب الوطنية سندرك المعنى الحقيقي لمفهوم (الأحزاب البرامجية) التي ترسم لنفسها إستراتيجية عامة تتضمن غاياتها وأهدافها لتحقيق عملية النهوض الشامل، وبالطبع فإن الشباب هم محور تلك العملية ومنطلقها للحاضر والمستقبل.
من الأهمية بمكان أن نعتمد على بعض المعايير في هذه المسألة، وغيرها من المسائل التي تتعامل معها الأحزاب وهي في مرحلة التكوين والتنظيم والاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة وفقا لقانوني الأحزاب والانتخاب، ولا ننسى أن نسبة الشباب ضمن النسبة العامة للناخبين هي نسبة حاسمة، والأحزاب بأمس الحاجة لكسب أصوات الشباب، وهي معنية كذلك بترشيحهم ضمن القوائم الحزبية، فهم في جميع الأحوال عنصر أساسي في هذه العملية التي ستشكل الاختبار الموضوعي للتجربة الحزبية في مداها القريب!
أحد المعايير التي يجب الاتفاق عليها هي النسبة الحالية للشباب في الأحزاب الحديثة، أو تلك التي أعادت ترتيب أوضاعها في ضوء القانون الجيد، وتقدر بحوالي ثلاثين بالمئة من المنخرطين بالعمل الحزبي، قد تقل أو تزيد قليلا، ولكنها نسبة مشجعة وواعدة، ولكن هناك معيارا لا يتم اعتماده مع أنه جدير بالتفكير وهو سن ما دون (الكهولة) الذي يشكل نسبة كبيرة من الأعضاء!
والأهمية تكمن هنا ليس في تحديد سن الشباب، وإنما في النظرة إليهم كما لو أنهم شريحة تحت الرعاية كما هو الحال بالنسبة للمرأة، وتلك نظرة تحتاج إلى مراجعة، إن لم يكن من أجل تحديد معايير واضحة للقضايا المتعلقة بهم وخاصة التعليم وسوق العمل، فمن أجل تفسير معنى التمكين في الحياة العامة وفي عمليات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، والتنمية بأبعادها البشرية والفكرية والثقافية.
معيار آخر مهم جدا يتعلق بنوعية الخطاب الذي تتوجه به الأحزاب إلى الشباب، وذلك الخطاب يجب أن يتحرر من بعض الأدبيات التي لم يعد الشباب يقبلون بها، والتي لا تخل غالبا من حس أبوي، ولا يتجرد أحيانا من وصاية لا لزوم لها، والأخطر من ذلك غياب التقدير الصحيح لنوعية ومستوى المخزون المعرفي لجيل بأكمله يتعامل ويتفاعل مع ثورة معرفية لا حدود لها، ونحن بالكاد نعرف عنه ما يكفي لكي نصيغ ذلك الخطاب!
اندماج الشباب في الحياة السياسية غاية جميع الأحزاب، وتمكين الشباب – ذكورا وإناثا – في الحياة العامة غاية الدولة كلها، ولكن مراجعة الخطاب العام من جهة الشباب، وليس من جهة المخاطبين وحدهم أصبح أمرا ملحا.