جريدة الغد، الاثنين الموافق 2024/5/6
لدينا الآن موعد لاستحقاق دستوري يوم العاشرمن شهر سبتمبر المقبل لانتخاب مجلس النواب العشرين، ونحن جميعا في سباق نحو ذلك الموعد الأول من نوعه في الحياة السياسية الأردنية التي تم تحديثها لتكون أكثر تأثيرا في تطوير المسيرة الديمقراطية بتوسيع وتشبيب المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وفي التكامل مع تحديث المسارين الاقتصادي والإداري ضمن عملية نهضوية شاملة تثبت قواعد قوة الدولة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية على حد سواء.
في مطلع هذا العام كانت الشكوك تدور حول إمكانية إجراء الانتخابات النيابية نظرا للتطورات التي تشهدها المنطقة منذ يوم السابع من شهر أكتوبر من العام الماضي، ورغم غياب أفق واضح لنهاية تلك التطورات، أو مدى انعكاسها علينا إلا أن جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حسم القرار والموعد في إشارة واضحة إلى أن أحد عناصر قوة الأردن في مواجهة التحديات هو مواصلة السير قدما نحو مئوية ثانية من عمر الدولة وهي أكثر وثوقا بقدراتها الذاتية، وأكثر اعتمادا على نفسها، وأكثر إصرارا على تخطي الصعاب مهما كان حجمها.
والآن يعود النقاش حول مدى جاهزية الحالة الوطنية للذهاب إلى ذلك الموعد من زوايا عديدة من بينها جاهزية الأحزاب الوطنية التي تشكلت وفق قانون الأحزاب وقانون الانتخاب الجديدين، وبعض النقاش ما يزال متمسكا بقياسات ومعايير قديمة يحاكم بها تجربة حديثة بمعظم تفاصيلها، ولكن النقاش في حد ذاته مهم، والاهتمام الواسع بالانتخابات النيابية المقبلة أكثر أهمية على أمل تشجيع نسبة عالية من الناخبين للإدلاء بأصواتهم للقائمتين المحلية والحزبية وهم على ثقة بأنهم يعبرون عن قناعاتهم، وعن وعيهم الوطني تجاه مصالحهم، وتجاه المصالح العليا لبلدهم، ومستقبل أجيالهم.
العنصرالأهم في هذه المعادلة هو الناخب الذي يمثل الشباب منه النسبة الأكبر في سجل الناخبين من سن الثامنة عشرة فما فوق، حيث يتعلق المستقبل بهم أكثر من غيرهم، ومن هذه الزاوية فإن عملية التغيير في النظرة للعملية الانتخابية تتوقف على اتجاهاتهم، وهم بالطبع من أبناء هذا المجتمع بصفاته وطبيعته الاجتماعية، وليس من المنطقي ولا الموضوعي محاولة الفصل بينه وبين خلفياته تلك لأي سبب كان، فذلك شيء، وفتح الآفاق أمامهم لاختيار ممثليهم بناء على برنامج انتخابي يلبي طموحاتهم شيء آخر!
يفترض أن العمل من خلال الأحزاب سيضمن تلك المعادلة الصحيحة التي تقوم أساسا على الطبيعة الاجتماعية – وهي بالمناسبة طبيعة قيمية راسخة ومتجذرة في الوطنية الأردنية الصادقة – وتقوم كذلك على مفاهيم التحديث السياسي التي تفضي إلى تشكيل حكومات برلمانية على مراحل، أبعدها عقد من الزمان يكون فيه أولئك الشباب قد بلغوا مرحلة متقدمة من الوعي الوطني الذي يحققون من خلاله مستقبلهم، ومستقبل الدولة التي تعتمد أساسا على رأسمالها البشري!
لا يلهينا النقاش حول ترتيبات العملية الانتخابية، وقوائم المرشحين وغيرها عن استغلال كل دقيقة للتوجه نحو المواطنين في كل مكان، ليس من أجل الدعاية الانتخابية بل لإقناعهم بأنهم الوسيلة والغاية هذه المرة لتحقيق الانجازات الكبيرة، ولإنجاح هذه العملية بكل أبعادها الوطنية، ولتعزيزمكانة بلدهم ودوره في محيطه الإقليمي، وقدراته في تحمل أعباء هذه المرحلة الصعبة، عن طريق وحدتهم وتضامنهم ورص صفوفهم بما لا يترك فسحة لطامع أو حاقد ينفذ منها، وما أكثرهم!