جريدة الغد، الإثنين الموافق 2024/11/4
بصراحة، أعجبتني الطريقة التي تحدث بها رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان إلى المحافظين يوم الأربعاء الماضي، ليس من جهة السلاسة وحسب بل من جهة التدرج في المحاور التي أراد أن يبين من خلالها أهمية الدور الذي يستطيع المحافظون القيام به في مجالات التنمية الشاملة، وإدارة التنسيق والتكامل بين مؤسسات الدولة الممثلة في كل محافظة، لضمان جودة الأداء والمخرجات للمشروعات القائمة، وتفعيل دور وعلاقة المجلس التنفيذي الذي يرأسه المحافظ مع مجالس المحافظات، ومجالس البلديات، من أجل خدمة مصالح المواطنين، وتحفيز المشروعات الاستثمارية.
كأن رئيس الوزراء يريد أن يهيأ الميدان للجلسات التي سيعقدها مجلس الوزراء كل شهر في إحدى المحافظات والتي بدأت بمحافظة الكرك، وكذلك الجولات الميدانية التي يقوم بها شخصيا لمختلف مناطق المملكة، من باب المتابعة والتأكد من مستوى الأداء وحسن التنفيذ للمشروعات القائمة من ناحية، وصياغة رؤية واضحة حول الاحتياجات التنموية لكل محافظة، وفق طبيعتها وخصائصها وإمكاناتها الطبيعية والبشرية من ناحية أخرى.
Ad
Unmute
يعرف الرئيس بحكم تجاربه السابقة، وبشكل خاص عندما شغل منصب مدير مكتب جلالة الملك أن كثيرا من القضايا العالقة يمكن حلها بقرار يتخذه المسؤول على عين المكان، عندما يتعلق الأمر بممارسة المسؤولية بشكل صارم، فما أكثر تلك المشكلات التي هي بحاجة لإلقاء الضوء عليها، وأخذها بعين الاعتبار، بعد أن تاهت زمنا طويلا في معاملات كان يمكن اختصارها لو أنها رفعت إلى صاحب القرار، أو أن صاحب القرار قد نزل إليها.
حسنا يفعل الدكتور جعفر حسان حين يستلهم منهجه من منهج جلالة الملك القائم على زيارة مدن وقرى وبوادي ومخيمات المملكة كي يتطلع بنفسه على أحوال شعبه، وكم من مشكلة حلت كنتيجة لتلك الزيارات، ومعوقات أزيلت بتوجيه مباشر وحاسم، ذلك المنهج الذي وجه جلالته جميع الحكومات للقيام به لكي تعاين الوضع على حقيقته، وحتى ترى بأم عينها المشكلات القائمة وأثرها المباشر على الناس، ومن بعد ذلك تلمس الأثر الايجابي لتلك الحلول والإجراءات التي اتخذتها، وكل ذلك في أمد قريب.
لا بد هنا من الإشارة إلى أن جميع رؤساء الوزراء قد انتهجوا أسلوب الزيارات الميدانية، وعقدوا جلسات لمجلس الوزراء في عدد من المحافظات، ولا شكل أن بعض المشكلات حلت وبعض المشروعات استكملت خططها التنفيذية، ومع ذلك فإن مسألة النزول إلى الميدان ما زالت بحاجة إلى رسم خارطة طريق تبدأ بتحديد المشكلات القائمة بناء على دراسات ميدانية استقصائية، وتقارير واضحة، ومقترحات قابلة للتنفيذ، والبعد الآخر المهم في هذه المسألة هو استكشاف الآفاق الجديدة التي يمكن استغلالها لتطوير الإمكانات والقدرات، وتحقيق تنمية مستدامة يلمس المواطنون أثرها على مستويات معيشتهم، وتشغيل أبنائهم، وازدهار مناطقهم، وتحصين مجتمعاتهم من مشكلات الفقر والبطالة، واليأس والضياع وغيرها من العوامل التي ساهمت في انتشار ظاهرة المخدرات، وارتفاع معدلات الجريمة، وجميعها قضايا تقع في صميم مسؤولية مؤسسات الدولة لحلها ومعالجتها بكل ما تملكه من وسائل، وذلك ما أشار إليه رئيس الوزراء في أحد محاور حديثه إلى المحافظين.
حديث الرئيس، وما دار حوله من نقاش موسع افتتحه وزير الداخلية السيد مازن الفراية حول ثلاثية الأمن والإدارة والتنمية، أظهر أهمية توفير كل عناصر القوة التي يحتاجها المحافظون لتمكينهم من أداء مهاهم على أفضل وجه، لترسيخ سيادة القانون وخدمة المواطنين، وتحقيق التنمية المحلية للمحافظات، وفي ذلك قدر من المراجعة الحميدة للتأكد من أن عملية صنع القرار تتم في إطارها المؤسسي السليم.