جريدة الغد، الاثنين الموافق 2025/05/26
يظل يوم الخامس والعشرين من أيار من كل عام الموعد الوطني الأكثر عمقاً في نفوسنا ذلك أنه موعد متجدد نناضل في سبيل صونه والحفاظ عليه ، مثلما ناضل الملك المؤسس عبدالله الأول ومعه رجالات الأمة والبلاد في سبيل تأسيس الإمارة عام 1921، ومن ثم إنجاز الاستقلال التام عن بريطانيا عام 1946، فالاستقلال في حد ذاته مناسبات عديدة في مناسبة واحدة تشكلت في قلبها حالة الولاء المتبادل بين الشعب وقيادته الهاشمية، فكان ذلك القلب النقي العنصر الأهم في إيجاد عوامل القوة التي رسخت منظومة الأمن والاستقرار على مدى تسعة وسبعين عاماً واصل الأردن خلالها نضاله من أجل تمكين ذاته، وحماية أرضه وشعبه ومقدراته، ومستقبل أبنائه.
استقلال أي بلد ليس معزولاً عن استقراره، وفي البال أمثلة كثيرة وراهنة أصبح فيها الاستقلال بلا قيمة نتيجة النزاعات الداخلية، والانقلابات العسكرية، والأحكام العرفية، وغياب الديمقراطية وعدم احترام حقوق الإنسان، فقيمة الاستقلال من قيمة الإنسان حين تكون طموحاته مشروعة وكرامته مصانة، وإرادته مقدرة، ومشاركته في اتخاذ القرارات التي تتعلق بحاضره ومستقبل أجياله مضمونة.
من باب التحدث بنعم الله حافظ الأردن على توازنه في أصعب الظروف، وعلى حيويته وتجديد كيانه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإداري والقضائي، وتطوير قطاعاته ومؤسساته بلا توقف، وبقي قادراً على إعادة تقييمه للوسائل والنتائج، مستخلصاً العبر والدروس، ومستفيداً من تجاربه، يعزز نقاط القوة ويعالج نقاط الضعف، ويرسم خطته لمواجهة التحديات وتحويلها إلى فرص بالمعنى الذي يحقق العدل والأمن والاستقرار لشعوب المنطقة كلها.
مظاهر الاحتفال والتعبير عن الفرحة هو كذلك شكل من أشكال تلك الحيوية التي تعكس محبة الناس لبلدهم ولمليكهم وجيشهم وللساهرين على أمنهم والساعين إلى تحقيق نهضتهم، وفي مثل هذه الظروف التي تمر بها المنطقة فإن الوعي بقيمة الوطن والانحياز له بالمشاعر الصادقة والنوايا الطيبة، والوطنية الصادقة، هو شكل من أشكال النضال في سبيل رفعة الأردن وتقدمه وازدهاره.
إن النقطة الأكثر عمقاً في هذه المناسبة تكمن في إرادتنا القوية لمواصلة مسيرة التحديث بجميع أبعادها، وبتعزيز تضامننا في وجه الاستهدافات ومحاولات التشويش والتضليل، والنيل من وحدتنا الوطنية، فالاستقلال بمعنى الانعتاق من التبعية يتطلب منا جميعاً الثقة بالنفس والإيمان بحقنا في الحفاظ على بلدنا والوقوف صفاً واحداً وراء قائدنا الملك عبدالله الثاني بن الحسين الذي استطاع على مدى خمسة وعشرين عاماً من توليه أمرنا أن يقود الأردن من عز إلى عز ومن فخر إلى فخر، ومن نصر إلى نصر.