الرأي الثلاثاء 11-8-2014
من بلد محاط بالأزمات في هذه المنطقة من العالم مثل الأردن ، إنها تحيط به من كل جانب ، باستثناء المملكة العربية السعودية ، وتلك الأزمات على عكس « المخاطر» ليست من صنعه ، ولا يملك إلا القليل من القدرات لحلها.
المخاطر والأزمات في آن معا ، المخاطر ناجمة عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة في غياب الحلول المناسبة لها ، والأزمات تنعكس عليه على شكل كلف وأعباء أمنية واقتصادية وسياسية.
ولأن الأردن معني بالأزمات المحيطة به بحكم ارتباطه القومي بها ، فضلا عن التهديدات المترتبة عليها ، فإنه يجد نفسه دائما أمام اختبار الآخرين لموقفه ، وغالبا ما يتعرض للانتقاد بسبب العوامل العاطفية ، والشعور الشعبي بالأسى الناجم عن طبيعة تلك الأزمات أو الصراعات !
وفي كل الأحوال لم يقل الأردن ولا لمرة واحدة « هذا ليس من شأني « فهو معني بعمقه القومي ، وانتمائه الإنساني ، وإلا فما هو مبرر هذا الحجم من المشاركة في قوات السلام الدولية ، حيث تأن الإنسانية من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ؟
هنا ، وكما علمتنا التجارب الكثيرة يضع الأردن مجموعة من المبادئ ، اساسها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين ، وعدم القبول بفرض الآخرين موقفهم عليه ، ففي الشأن العراقي بذل الأردن جهده لمنع وقوع الحرب الدولية على العراق كي لا يقع فيه كل ما نراه ماثلا اليوم ، وفي الشأن السوري دعا جميع الأطراف من أول يوم إلى التوافق على حل يحفظ أمن واستقرار سوريا ووحدتها الوطنية والترابية ، ومع ذلك تحمل من نتائج الأزمتين ما تحمل ، فضلا عن تباعات كارثة الربيع العربي التي حلت في دول عربية ومن بينها مصر حيث أحدث انقطاع إمدادات الغاز ضررا فادحا على الصناعات الأردنية !
اليوم ينتقد البعض سياسة الأردن إزاء العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة ، وانتقاد البعض قائم على عدم الأخذ في الاعتبار وجود سياسة موضوعة على شكل سؤال جوهري « كيف يمكنني أن اساعد ؟ « ، وتأتي الإجابة عادة من خلال ذراعين ، أحدهما سياسي دبلوماسي ، يتحرك نحو المبادرات والاتصالات الرامية إلى وقف العدوان عن طريق ممارسة الضغط على إسرائيل بصورة مباشرة وغير مباشرة تشمل الدول الفاعلة ، ومنظمات الأمم المتحدة بما فيها مجلس الأمن الدولي.
أما الذراع الثاني فهو تقديم المساعدات الطبية والغذائية عبر الهيئة الخيرية الهاشمية والخدمات الطبية الملكية بما في ذلك المستشفى الميداني في غزة ، وجمع التبرعات، « والدم أيضا «
المشكلة هي أن الأردن يأنف شرح موقفه بحكم حق الجار على الجار ، وحين يكون الجار من « العائلة « فهو وحده يعرف ماذا قدم له أخوه !
yacoub@meuco.jo