الرأي الثلاثاء 26-8-2014
يمكن أن نصف وضعنا الراهن بأوصاف عديدة، وبطرق مختلفة، وقد نلتقي أو نختلف في الرأي، وفي النتائج أيضاً، فنحن جميعاً نفكر في أجواء ملبدة بالمخاطر والأزمات، فإذا كنا
« جزيرة « فنحن وسط بحر هائج يلاطم الموج العالي صخورها وشواطئها، وإذا كنا « دولة « فنحن ندور في محيط مختل التوازن فاقد الاتزان.
الفارق بين التوازن والاتزان جوهري، وإن بدا لنا المصطلحان متشابهين، ففي الأوضاع العادية، يمكن أن نفهم التوازن على أنه « إعطاء كل شيء حقه من غير زيادة أو نقصان، أو النظرة المعتدلة بين أطراف متناقضة «، ويكمن فهم الاتزان على أنه « تعادل الميول بشكل يستوعب نشاط الذهن بأكمله « وفي الأوضاع غير العادية يصبح السعي نحو التوازن أو الاتزان أكثر تعقيداً لأنه بحاجة إلى كثير من الوعي والإدراك والقدرة على التفكير الاستراتيجي.
ذلك هو ما نحن فيه اليوم، الطقس والأنواء ليست بيدنا، ولكن جزيرتنا يهددها قراصنة البحر، والسفن المستأجرة، واليوم نحن أمام اختبار حقيقي لقدراتنا الموضوعية في حماية تخومنا وشواطئنا، وأسوأ ما يمكن أن يلهينا عن حشدنا في مواجهة هذا الوضع « غير المسبوق « هو أن نطيل أمد الجدل أو نعمقه، بينما الأزمات تزداد سوءاً وتهديداً، فدرس بيزنطه ما يزال قائماً لمن يريد أن يفهم !
هل يمكن لأي دولة أو جماعة أن تواجه الأزمات دون قائد يتمتع بقوة الإسناد كي يرى أمامه بشكل واضح بدل أن يتلفت حوله أو وراءه لأن صوت الجدل يعلو على صوت الموج ؟ ومن هو الأكثر حاجة لتكون الصلاحيات كلها بين يديه كي يقودنا نحو التحصين أو المواجهة إذا لزم الأمر، أهو القائد أم الشعب ؟
إنها في الحقيقة مصلحة مشتركة، حتى على افتراض أننا نتحدث عن طرفين، وليست المسألة متعلقة بنصوص دستورية، أنها مسألة استعداد لمرحلة جديدة تقتضي أن ندخلها جميعاً دفعة واحدة، متفقين متحدين متراصي الصفوف، وإلا فإن من يسمع جدلنا، ويرى تأخرنا عن تنظيم طاقتنا الدفاعية الوطنية، سيطمع، ودائماً يطمع الذي في قلبه مرض !
yacoub@meuco.jo