الرأي الثلاثاء 23-6-2014
غالبا ما يكون المقال الأول محيرا وصعبا، إنه أول مصافحة بين الكاتب والصحيفة، التي تختبر فكره وقدرته على الكتابة، كي تبرر لقرائها لماذا أعطته الفرصة كي يطل عليهم من زاوية محسوبة المساحة والزمان والمكان.
ولكن واجب الشكر لرئيس تحرير صحيفة الرأي الأستاذ سمير الحياري، وأسرة الرأي-وهو شكر نابع من القلب-يمنح قدرا من الاستهلال المناسب لأول مقال، أرجو الله أن يقود إلى سلسلة من المقالات، وأن يمنحني القدرة على فهم الحقيقة، وتفسير الموقف، وإبداء الرأي !
وقد أسأل نفسي ما هي حاجتي وحاجة غيري من الكتابة في هذه الظروف المعقدة العجيبة ؟ فأقول لعلي أشارك غيري بعض الأفكار التي قد تنشأ من مسافة أبعد من طبيعة الحدث، حين تحول الغبار بينك وبين أن تراه، وحين يكون غامضا في وضوحه، وواضحا في غموضه، فلا يقدم الكاتب للقارئ شيئا يزيد عما يعتقد أنه يعرفه !
لقد آمنت على الدوام، أن القدرة على التفكير الاستراتيجي بأبعاده، والحكمة بمعانيها، والحاكمية بركائزها أو متطلباتها، لم تعد مرهونة بإدارة المؤسسات العامة والخاصة، إنها اليوم مسألة ضرورية لتعميق ثقافة الفهم والتحليل، وهي عملية تجري في العقل وفق عمليات معقدة، يؤدي تحليلها إلى عناصر قابلة للربط والمقارنة والتمثيل والتصوير، وصولا إلى نظرية تتشكل منها قاعدة للتطبيق العملي، وفي حالة قراءة ما يجري، فإن التفكير الاستراتيجي، يجعلك تتحرر من معلومات لا لزوم لها، أو من مسلمات تفرضها عليك الصورة المنقولة عبر وسائل الإعلام، حقيقية كانت أم مزيفة !
نحن نعيش اليوم زمنا تأتي فيه الصورة منجزة في اطار سريالي، والخلفيات الظاهرة والخفية، هي أساس الصورة المرئية، فأي خداع بصري يغشي أعيننا وعقولنا إن بقينا محاصرين بمآربه وغاياته، وكم يفترض أن يمر من الزمن كي نعرف الأحداث على حقيقتها ؟
نعم لقد تعمدت ألا أكتب في شأن محدد، في أول مصافحة مع جريدة الرأي الغراء وقرائها، ولكني أردت أن أقول مخلصا، أنني سأنهج سبيل التفكير الاستراتيجي في مقالاتي اللاحقة، بإذن الله
yacoub@meuco.jo