الرأي الثلاثاء 23/06/2015
في مقالين سابقين، تناولت مسألة الثقة بالذات كشرط للاعتماد على الذات، ثم فسرت الفرق بين الاعتماد على الذات، والاكتفاء الذاتي، ثم رأيت من المناسب أن أتحدث عن عناصر الاعتماد على الذات، والتي اعتقد أنها تتمثل في الموارد البشرية، والموارد الطبيعية، والإدارة والتخطيط.
ومرة أخرى أعيد طرح السؤال، هل تكفي مواردنا البشرية لكي نحقق الاكتفاء الذاتي ؟ ستكون الإجابة العاجلة لا، بدليل هذا العدد الكبير من العمالة الوافدة التي تعمل في جميع القطاعات الاقتصادية، وحتى في الدوائر الحكومية، ولكن حين تصبح للدولة خطة مدروسة لمعالجة هذا الوضع فهو سيتغير حتماً، ولا يعني ذلك التخلي عن كل العمالة الوافدة، ولكن زيادة نسبة الأردنيين في مجالات العمل والإنتاج.
ففي بلد تشكل فيه الوظيفة العامة الهدف المنشود لمعظم القوى البشرية الشابة، بغض النظر عن تحصيلها العلمي، يجب الاعتراف بوجود أزمة في الثقافة السائدة، التي نكاد ننفرد بها بين الدول المحيطة، بالنظر إلى واقعنا الاقتصادي والاجتماعي، والأسوأ من ذلك أن العائد المادي للوظيفة العامة متدن، بحيث يضع المجتمع الوظيفي في الحد الأدنى من الطبقة الوسطى، أو الحد الأعلى من الطبقة الفقيرة !
يمكننا أن نتصور تأثير ذلك على الوضع الاجتماعي حين نعرف أن عدد موظفي القطاع العام بين موظف عامل ومتقاعد يصل إلى 600 ألف موظف، يرتبط بهم أربعة أضعاف من الأبناء والبنات، الذين يشقون طريقهم عبر مراحل التعليم مثقلين بالعوز وتواضع الطموح، وربما عدم الثقة بالحصول على وظيفة، كما هي حال قائمة الانتظار الطويل لدى ديوان الخدمة المدنية.
قد نرى الحال أفضل قليلاً لدى القطاع الخاص، نتيجة الفارق في مستويات التأهيل والمهارات الإضافية، وساعات العمل الحقيقية، وغيرها من العوامل المرتبطة بطبيعة أداء ذلك القطاع، ولكن هل يستوعب القطاع الخاص كل من تتوفر فيه شروط التميز من خريجي الجامعات أو المعاهد الأردنية ؟ الجواب معروف إذا أخذنا في الاعتبار خريجي الجامعات الأجنبية من الطلبة الأردنيين !
ما هو الحل إذاً ؟ الحل يكمن في إعادة النظر في كل السياسات المتبعة في تأهيل القوى البشرية ومواءمتها بحاجات السوق أو ما درجنا على تسميته بمتطلبات التنمية، أي يجب أن يكون هدفنا هو السعي إلى توظيف القوى البشرية لتحقيق أحد عناصر الاعتماد على الذات.
فإذا كانت رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى الأردني واضحة في خطابه الأخير «ارفع رأسك» تعني الثقة بالذات، فإن التشمير عن السواعد لعمل الأردنيين في جميع القطاعات – بعيداً عن ثقافة العيب التي تدفع قطاعات عريضة من القوى البشرية الأردنية للعزوف عن كثير من المهن والخدمات-يعني الخطوة الأولى نحو الاعتماد على الذات، وليكون الجواب الشافي، نعم نستطيع أن نعتمد على أنفسنا لو أردنا !
يمنع الاقتباس او اعادة النشر الا بأذن خطي مسبق من المؤسسة الصحفية الاردنية – الرأي .
yacoub@meuco.jo